باحثي رجال العصر.
وكنت قبل اطلاعي على كتابك هذا، يا سيدي! وعلى ما فيه من وفرة المصادر وكثرة المراجع والأصول، أعتقد بشئ من الغرور بأنه قل بين المتأخرين من خدمة التاريخ الاسلامي والثقافة العربية من قاربني بكثرة الاستشهاد بمصادرهما، فإذا بي بعد أن وقع نظري على ما في سفينتكم من بحر علمكم أطرق بنظري إلى الأرض جسيا خجلا مأخوذا بما وجدت في (الغدير)) من خصب وغنى وافر.
نعم: هي لمحة أجلتها لماحا في (الغدير) ارتسمت معها على صفحات العين ما في غديركم من صفاء ورواء، وما في جنباته من نور ونور، فإذا به بهجة للعين، ومتعة للقلب، وغذاء للروح، يمثل كله في هذا الأثر الطيب الخالد، تتحفون به الثقافة العربية درة من دررها الغوالي.
فوالله لو لم يكن للشيعة في القرن الرابع عشر الهجري غير السيد [الأميني] في [غديره] والمغفور له محسن [الأمين] في [أعلامه] والعلامة الكبير الشيخ آغا بزرك في [ذريعته] لكفى من رجال الملة خدمة وهديا لقوم يعقلون.
وهذا الكتاب فيما ظهر من أجزائه المتتالية لا يزال ينتظر من صبركم الجميل وبحر علمكم الزاخر ما يمضي به إلى الغاية، فتخرجون بالكتاب على الوجه الذي يرضى عنه موزع الأقدار، وطلاب التاريخ، والعلم الصحيح.
فقد جددت في كتابك هذا وراء الحقيقة الناصعة، وبحثت في شعابه عما يكشف النقاب للراغب فيها لتبدو صبيحة الوجه، واضحة المعالم.
هي كلمة سقتها على الطبيعة من لمحة خاطفة أجلتها في (الغدير) على أمل أن أتمكن فيما بعد أن أنظر فيه مليا بعد وصول الأجزاء الباقية التي أتوقع وصولها قريبا، وسأبعث لكم اعترافا بالفضل بما تيسر من مؤلفاتي، وهي لا تذكر بالنسبة لهذه المفخرة التي قلدتم بها جيد العربية. هذا وفيما أدعو لكم بالتوفيق ودوام نعمة الله فيكم، اقبلوا سيدي! مع شكري الجزيل فائق احترامي.
يوسف أسعد داغر