مؤلفاته: كنت في بدايتي منكرا لأحوال الصالحين ومقامات العارفين حتى حظيت بالواردات، فرأيت الله تعالى في المنام فقال لي يا أبا حامد! قلت: أو الشيطان يكلمني؟
قال: لا. بل أنا الله المحيط بجهاتك الست ثم قال: يا أبا حامد! ذر أساطيرك وعليك بصحبة أقوام جعلتهم في أرضي محل نظري، وهم أقوام باعوا الدارين بحبي. فقلت:
بعزتك إلا أذقتني برد حسن الظن بهم. فقال: قد فعلت ذلك والقاطع بينك وبينهم تشاغلك بحب الدنيا، فاخرج منها مختارا قبل أن تخرج منها صاغرا، فقد أمضيت عليك نورا من أنوار قدسي، فقم وقل. قال: فاستيقظت فرحا مسرورا وجئت إلى شيخي يوسف النساج فقصصت عليه المنام فتبسم وقال: يا أبا حامد! هذا ألواحنا في البداية فمحوناها، بلى إن صحبتني سأكحل بصر بصيرتك بأثمد التأييد حتى ترى العرش ومن حوله، ثم لا ترضى بذلك حتى تشاهد ما لا تدركه الأبصار، فتصفو من كدر طبيعتك، وترتقى على طور عقلك، وتسمع الخطاب من الله تعالى - كما كان لموسى عليه السلام -:
أنا الله رب العالمين.
قال الأميني: مادح نفسه يقرءك السلام. ليت شعري هل كان يضيق فم الشيطان عن أن يقول: أنا الله المحيط بجهاتك الست، كما لم تضق أفواه المدعين للربوبية في سالف الدهر؟ فمن أين عرف الغزالي بصرف الدعوى إنه هو الله؟ ولماذا لم يحتمل بعد إنه هو الشيطان؟ وإن كان قد صدق الرؤيا وأذعن بأن الله هو الذي خاطبه فلماذا لم يدع الأساطير وقد خوطب ب: ذر الأساطير. ولم ينسج على نول النساج شيخه إلا التافهات؟
وليته كان يوجد في صيدلية النساج كحل آخر تحد بصر الغزالي وبصيرته حتى لا يبوء بإثم كبير مما في إحيائه من رياضيات غير مشروعة محبذة من قبله كقصة لص الحمام وغيرها، وحديث منعه عن لعن يزيد اللعين في باب آفات اللسان إلى أمثاله الكثير الباطل.
وما أحد أثمد النساج الذي يترك من اكتحل به لا يرضى بعد رؤيته العرش ومن حوله، حتى يشاهد ما لا تدركه الأبصار، ويسمع الخطاب - كما سمعه موسى -: أنا الله رب العالمين؟ وأنا إلى الغاية لا أدري إن موسى عليه السلام المشارك له في السماع هل