أبو الحسن في المنام كأنه دخل من باب الجامع، ورأى في ركن المسجد نورا وإذا بالنبي صلى الله عليه وآله وأبي بكر وعمر جلوس والإمام الغزالي قائم وبيده (الإحياء) وقال:
يا رسول الله! هذا خصمي ثم جثا على ركبتيه وزحف عليهما إلى أن وصل إلى النبي صلى الله عليه وآله فناوله (كتاب الإحياء) وقال: يا رسول الله! انظر فيه فإن كان فيه بدعة مخالفة لسنتك كما زعم تبت إلى الله، وإن كان شيئا تستحسنه حصل لي من بركتك فأنصفني من خصمي، فنظر فيه رسول الله صلى الله عليه وآله ورقة ورقة إلى آخره ثم قال: والله إن هذا شئ حسن، ثم ناوله أبا بكر رضي الله عنه فنظر فيه كذلك، ثم قال: نعم، والذي بعثك بالحق يا رسول الله! إنه لحسن. ثم ناوله عمر رضي الله عنه فنظر فيه كذلك ثم قال كما قال أبو بكر رضي الله عنه. فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بتجريد أبي الحسن وضربه حد المفتري فجرد وضرب ثم شفع فيه أبو بكر بعد خمسة أسواط وقال: يا رسول الله!
إنما فعل ذلك اجتهادا في سنتك وتعظيما. فعفا عنه أبو حامد عند ذلك، فلما استيقظ (أبو الحسن) من منامه وأصبح أعلم أصحابه بما جرى ومكث قريبا من الشهر متألما من الضرب ثم سكن عنه الألم ومكث إلى أن مات وأثر السياط على ظهره وصار ينظر كتاب (الإحياء) ويعظمه وينتحله أصلا أصيلا.
وفي لفظ اليافعي: وبقيت متوجعا لذلك خمسا وعشرين ليلة، ثم رأيت النبي صلى الله عليه وآله جاء ومسح علي وتوبني فشفيت ونظرت في (الإحياء) ففهمته غير الفهم الأول. و ذكره السبكي في طبقاته 4: 132 وقال: هذه حكاية صحيحة حكاها لنا جماعة من ثقات مشيختنا عن الشيخ العارف ولي الله سيدي ياقوت الشاذلي، عن شيخنا السيد الكبير ولي الله أبي العباس المرسي، عن شيخه الشيخ الكبير ولي الله أبي الحسن الشاذلي قدس الله تعالى أسرارهم (1) وذكره المولى أحمد طاش كبرى زاده في مفتاح السعادة 2: 209، واليافعي في مرآة الجنان 3: 322:
وقال السبكي في طبقاته: 4: 113: كان في زماننا شخص يكره الغزالي ويذمه