الاسلامي وغربه، وعند مجتمعات المسلمين جمعاء، وقد مر في الجزء الثاني قول ياقوت في معجم البلدان: لعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه على منابر الشرق والغرب ولم يلعن على منبر سبحستان إلا مرة، وامتنعوا على بني أمية حتى زادوا في عهدهم: وأن لا يلعن على منبرهم أحد، وأي شرف أعظم من امتناعهم من لعن أخي رسول الله صلى الله عليه وسلم على منبرهم وهو يلعن على منابر الحرمين: مكة والمدينة. ا ه.
وقد صارت سنة جارية ودعمت في أيام الأمويين سبعون ألف منبر يلعن فيها أمير المؤمنين عليه السلام (1) واتخذوا ذلك كعقيدة راسخة، أو فريضة ثابتة، أو سنة متبعة يرغب فيها بكل شوق وتوق حتى أن عمر بن عبد العزيز لما منع عنها لحكمة عملية أو لسياسة وقتية حسبوه كأنه جاء بطامة كبرى أو اقترف إثما عظيما.
والذي يظهر من كلام المسعودي في مروجه 2: 167، واليعقوبي في تاريخه 3: 48، وابن الأثير في كامله 7: 17، والسيوطي في تاريخ الخلفاء ص 161 وغيرهم أن عمر بن عبد العزيز إنما نهى عن لعنه عليه السلام في الخطبة على المنبر فحسب وكتب بذلك إلى عماله وجعل مكانه ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالإيمان. الآية. وقيل:
بل جعل مكان ذلك: إن الله يأمر بالعدل والاحسان. الآية. وقيل: بل جعلهما جميعا فاستعمل الناس في الخطبة.
وأما نهيه عن مطلق الوقيعة في أمير المؤمنين والنيل منه عليه السلام، وأخذه كل متحامل عليه بالسب والشتم، وإجراء العقوبة على مرتكبي تلكم الجريرة فلسنا عالمين بشئ من ذلك، غير أنا نجد في صفحات التاريخ أن عمر بن عبد العزيز كان يجلد من سب عثمان ومعاوية كما ذكره ابن تيمية في كتابه " الصارم المسلول " ص 272 ولم نقف على جلده أحدا لسبه أمير المؤمنين عليه السلام دع عنك موقف أمير المؤمنين عليه السلام من خلافة الله الكبرى، وسوابقه في تثبيت الاسلام والذب عنه، وبثه العدل والانصاف، وتدعيمه فرايض الدين وسننه، ودعوته إلى الله وحده وإلى نبيه صلى الله عليه وآله وإلى دينه الحنيف، وتهالكه في ذلك كله حتى لقي ربه مكدودا في ذات الله.