أسماؤه اختار محمدا صلى الله عليه وسلم لرسالته، واختاره لوحيه، وشرفه على خلقه، فأشرف الناس من تشرف به، وأولاهم بالأمر أخصهم به، وإنما على الأمة التسليم لنبيها إذ اختاره الله لها فإنه إنما اختار محمدا بعلمه، وهو العليم الخبير، واستغفر الله لي ولكم.
فقام عبد الله بن جعفر فقال:
الحمد لله أهل الحمد ومنتهاه، نحمده على إلهامنا حمده، ونرغب إليه في تأدية حقه، وأشهد أن لا إله إلا الله واحدا صمدا لم يتخذ صاحبه ولا ولدا، وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم. أما بعد: فإن هذه الخلافة إن أخذ فيها بالقرآن؟ فأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله. وإن أخذ فيها بسنة رسول الله؟ فأولوا رسول الله، وإن أخذ بسنة الشيخين أبي بكر وعمر فأي الناس أفضل وأكمل وأحق بهذا الأمر من آل الرسول؟ و أيم الله لو ولوه بعد نبيهم لوضعوا الأمر موضعه، لحقه وصدقه، ولأطيع الله، وعصي الشيطان، وما اختلف في الأمة سيفان، فاتق الله يا معاوية! فإنك قد صرت راعيا ونحن الرعية، فانظر لرعيتك، فإنك مسؤول عنها غدا، وأما ما ذكرت من ابني عمي. وتركك أن تحضرهما، فوالله ما أصبت الحق، ولا يجوز لك ذلك إلا بهما، وإنك لتعلم أنهما معدن العلم والكرم، فقل أو دع، وأستغفر الله لي ولكم.
فتكلم عبد الله بن الزبير فقال:
الحمد لله الذي عرفنا دينه، وأكرمنا برسوله، أحمده على ما أبلى وأولى، وأشهد أن لا إله إلا الله. وأن محمدا عبده ورسوله. أما بعد: فإن هذه الخلافة لقريش خاصة، تتناولها بمآثرها السنية، وأفعالها المرضية، مع شرف الآباء، وكرم الأبناء، فاتق الله يا معاوية! وأنصف من نفسك، فإن هذا عبد الله بن عباس ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا عبد الله بن جعفر ذي الجناحين، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عبد الله بن الزبير ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلي خلف حسنا وحسينا، وأنت تعلم من هما، وما هما، فاتق الله يا معاوية!
وأنت الحاكم بيننا وبين نفسك.
فتكلم عبد الله بن عمر فقال: الحمد لله الذي أكرمنا بدينه وشرفنا بنبيه صلى الله عليه وسلم: أما بعد: فإن هذه الخلافة ليست بهرقلية، ولا قيصرية، ولا كسروية، يتوارثها الأبناء عن الآباء، ولو كان كذلك