كيف استحق الرجل بمثل هذه الصحبة الخلافة وصار بذلك أولى الناس بأمورهم؟
وأما صحبة علي عليه السلام إياه منذ نعومة أظفاره إلى آخر نفس لفظه صلى الله عليه وآله حتى عاد منه كالظل من ذيه، وعد نفسه في الكتاب العزيز، وقرنت ولايته بولاية الله وولاية نبيه وجعلت مودته أجر الرسالة، فلم تستوجب استحقاقه بها الخلافة والأولوية بأمور الناس بعد قوله صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فعلي مولاه؟ إن هذا لشئ عجاب.
وإني لست أدري أن هذه المفاضلة المتسالم عليها بين الصحابة في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لماذا نسيها أولئك العدول بموته صلى الله عليه وآله؟ ولماذا لم يصفقوا على ذلك الاختيار الذي كان يسمعه رسول الله صلى الله وعليه وآله وسلم فلا ينكره؟ ووقع الخلاف والتشاح والتلاكم والتشاتم والنزاع حتى كاد أن يقتل صنو النبي الأعظم في تلك المعمعة، ورأت بضعته الصديقة ما رأت، ووقعت وصمات لا تنسى طيلة حياة الدنيا، وأرجئ دفن رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثا، وكانت الصحابة بمعزل عنه صلى الله عليه وآله وعن إجنانه، وما حضر الشيخان دفنه (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم (2) كان عذر أبي بكر وعمر وسائر الصحابة واضحا لأنهم رأوا المبادرة بالبيعة من أعظم مصالح المسلمين وخافوا من تأخيرها حصول خلاف ونزاع تترتب عليه مفاسد عظيمة، ولهذا أخروا دفن النبي، صلى الله عليه وسلم حتى عقدوا البيعة لكونها كانت أهم الأمور كيلا يقع نزاع في مدفنه أو كفنه أو غسله أو الصلاة عليه أو غير ذلك.
ثم لو كان الأمر كما زعم ابن عمر من الاختيار فتقديم أبي بكر يوم السقيفة الرجلين:
عمر وأبا عبيدة على نفسه وقوله: بايعوا أحد الرجلين. أو قوله: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم. لماذا؟ ولماذا قول أبي بكر لأبي عبيدة الجراح حفار.
القبور: هلم أبايعك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنك أمين هذه الأمة؟ تاريخ ابن عساكر 7: 160.
ولماذا قول أبي بكر في خطبة له: أما والله ما أنا بخيركم ولقد كنت لمقامي هذا كارها؟ أو قوله: ألا وإنما أنا بشر ولست بخير من أحد منكم فراعوني؟ أو قوله: إني