وقد آتاك الله العلم الأول والآخر والكتاب الأول والكتاب الآخر، ثم قال: ألا أرشدك يا أبا الدرداء؟ قال: بلى بأبي أنت وأمي يا رسول الله! قال: إن تفتقدهم تفقدوك وإن تركتهم لا يتركوك، وإن تهرب منهم يدركوك، فاقرضهم عرضك ليوم فقرك، واعلم أن الجزاء أمامك. ثم آخى بينهما.
ثم نظر في وجوه أصحابه فقال: أبشروا وقروا عينا، أنتم أول من يرد علي الحوض وأنتم في أعلى الغرف، ثم نظر إلى عبد الله بن عمر وقال: الحمد لله يهدي من الضلالة من يحب، ويلبس الضلالة على من أحب، فقال علي: يا رسول الله! لقد ذهبت روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري، فإن كان هذا من سخط علي فلك العتبي والكرامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، وأنت أخي ووارثي، قال:
يا رسول الله! وما أرث منك؟ قال: ما ورثت الأنبياء من قبلي. قال: ما ورثته الأنبياء من قبلك؟ قال: كتاب ربهم وسنة نبيهم، وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة ابنتي (وأنت أخي ورفيقي) (1) ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إخوان على سرر متقابلين. الأخلاء في الله ينظر بعضهم إلى بعض.
قال الأميني: قال أبو عمر في الاستيعاب 1: 191 في ترجمة زيد بن أبي أوفى: روى حديث المواخاة بتمامه إلا أن في إسناده ضعفا.
وقال ابن حجر في الإصابة 1: 510: روى حديثه ابن أبي حاتم والحسن بن سفيان والبخاري في التاريخ الصغير من طريق ابن شرحبيل عن رجل من قريش عن زيد بن أبي أوفى قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله مسجد المدينة فجعل يقول: أين فلان؟
أين فلان؟ فلم يزل يتفقدهم ويبعث إليهم حتى اجتمعوا عنده. فذكر الحديث في إخاء النبي صلى الله عليه وآله ولحديثه طرق عن عبد الله بن شرحبيل، وقال ابن السكن: روي حديثه من ثلاث طرق ليس فيها ما يصح، وقال البخاري: لا يعرف سماع بعضهم من بعض، ولا يتابع عليه، رواه بعضهم عن ابن أبي خالد عن عبد الله بن أبي أوفي ولا يصح.
وقفنا من طرق الرواية الثلاث المعزوة إليها على طريقين أحدهما طريق أبي إسحاق