إما أن تخرج فتقاتلهم ونحن معك وأنت على الحق وهم على الباطل، وإما أن تخرق بابا سوى الباب الذي هم عليه فتركب رواحلك وتلحق بمكة فإنهم لن يستحلوك وأنت بها، وإما أن تلحق بالشام فإنهم أهل الشام وفيهم معاوية. فقال عثمان: أما أن أخرج إلى مكة فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول: يلحد رجل من قريش بمكة يكون عليه نصف عذاب العالم. فلن أكون أنا. وأما أن ألحق بالشام فلن أفارق دار هجرتي ومجاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فأذن لنا أن نقاتلهم ونكشفهم عنك، قال: فلا أكون أول من يأذن في محاربة أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فخرج علي وهو يسترجع وقال للحسن والحسين:
إذهبا بسيفكما حتى تقوما على باب عثمان فلا تدعا أحدا يصل إليه، وبعث الزبير ابنه، وبعث طلحة ابنه، وبعث عدة من أصحاب محمد أبناءهم يمنعون الناس أن يدخلوا على عثمان ويسألونه إخراج مروان، فلما رأى ذلك محمد بن أبي بكر وقد رمى الناس عثمان بالسهام حتى خضب الحسن بالدماء على بابه وغيره، فخشي محمد بن أبي بكر أن يغضب بنو هاشم لحال الحسن ويكشفوا الناس عن عثمان فأخذ بيد رجلين من أهل مصر فدخلوا من بيت كان بجواره، لأن كان من كان مع عثمان كانوا فوق البيوت ولم يكن في الدار عند عثمان إلا امرأته، فنقبوا الحائط فدخل عليه محمد بن أبي بكر فوجده يتلو القرآن فأخذ بلحيته فقال له عثمان: والله لو رآك أبوك لساءه فعلك. فتراخت يده ودخل الرجلان عليه فقتلاه وخرجوا هاربين من حيث دخلوا، قيل: جلس عمرو بن الحمق على صدره ضربه حتى مات، ووطأ عمير بن ضابئ على بطنه فكسر له ضلعين من أضلاعه، وصرخت امرأته فلم يسمع صراخها لما كان حول الدار من الناس وصعدت امرأته فقالت: إن أمير المؤمنين قد قتل فدخل الناس فوجدوه مذبوحا وانتشر الدم على المصحف على قوله تعالى: " فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم "، وبلغ الخبر عليا وطلحة والزبير وسعدا ومن كان بالمدينة فخرجوا وقد ذهبت عقولهم للخبر الذي أتاهم حتى دخلوا على عثمان فوجدوه مقتولا فاسترجعوا، وقال علي لابنيه: كيف قتل أمير المؤمنين وأنتما على الباب؟ ورفع يده فلطم الحسن، وضرب على صدر الحسين، وشتم محمد بن طلحة وعبد الله بن الزبير، وخرج وهو غضبان حتى أتى منزله، وجاء الناس يهرعون إليه فقالوا له: نبايعك فمد يدك فلا بد لنا من أمير. فقال علي: والله أني