كمثلهما بقية تلامذته، وكان قد وقف قرية على كاغذ الفقهاء، ويقال: إن الناس أصابهم في بعض السنين قحط شديد فاحتال رجل يهودي على تحصيل قوته فحضر يوما مجلس الشريف المرتضى وسأله أن يأذن له في أن يقرأ عليه شيئا من علم النجوم فأذن له و أمر له بجراية تجري عليه كل يوم فقرأ عليه برهة ثم أسلم على يديه (1) وكان لم ير لثروته الطائلة قيمة تجاه مكارمه وكراماته وكان يقول:
وما حزني الاملاق والثروة التي * يذل بها أهل اليسار ضلال أليس يبقي المال إلا ضنانة * وأفقر أقواما ندى ونوال إذا لم أنل بالمال حاجة معسر * حصور عن الشكوى فمالي مال 2: وشرفه الوضاح النبوي الذي ألزم خلفاء الوقت تفويض نقابة النقباء الطالبيين إليه بعد وفاة أخيه الشريف الرضي، وأنت تعلم أهمية هذا المنصب يومئذ حيث أخذ فيه السلطة العامة على العلويين في أقطار العالم يرجع إلى نقيبهم حلها وربطها وتعليمها وتأديبها والأخذ بظلاماتهم وأخذها منهم والنظر في أمورهم في كل ورد وصدر.
3: ورفعة بيته وجلالة منبته فقد كانت سلسلة آباءه من طرفيه متواصلة من أمير إلى نقيب إلى زعيم إلى شريف، وهذه مشفوعة بما كان فيه من لباقة وحنكة و حذق في الأمور هي التي أهلته لأن تفوض إليه إمارة الحاج فكان يسير بهم سيرا سجحا ولا يرجع بهم إلا من دعة إلى دعة، والحجيج بين شاكر لكلاءته، وذاكر لمقدرته، ومطر أخلاقه، ومتبرك بفضائله، ومثن على أياديه.
4: ولشموخ محله وعظمة قدره بين أظهر الناس ومكانته العالية عند الأهلين، وجمعه بين سطوة الحماة وثبت القضاة انقادت إليه ولاية المظالم، فتولى النقابة شرقا وغربا، وإمارة الحاج والحرمين، والنظر في المظالم، وقضاء القضاة ثلاثين سنة وأشهرا (2).