عمتك إلى حتى أنتقم منها فأمر بأخذها فأرسل إليها فأخذها قهرا وأحضرت عنده فقتلها ووصى بالوزارة لابنه رزيك ولقب العادل فانتقل الأمر إليه بعد وفاة أبيه، وللصالح أشعار حسنة بليغة تدل على فضل غزير فمنها في الافتخار:
أبى الله إلا أن يدوم لنا الدهر * ويخدمنا في ملكنا العز والنصر علمنا بأن المال تفنى ألوفه * ويبقى لنا من بعده الأجر والذكر خلطنا الندى بالباس حتى كأننا * سحاب لديه البرق والرعد والقطر قرانا إذا رحنا إلى الحرب مرة * قرانا ومن أضيافنا الذئب والنسر كما أننا في السلم نبذل جودنا * ويرتع في أنعامنا العبد والحر وكان الصالح كريما فيه أدب وله شعر جيد وكان لأهل العلم عنده اتفاق، ويرسل إليهم العطاء الكثير، بلغه أن الشيخ أبا محمد بن الدهان النحوي البغدادي المقيم بالموصل قد شرح بيتا من شعره وهو هذا:
تجنب سمعي ما يقول العواذل * وأصبح لي شغل من الغز وشاغل فجهز إليه هدية سنية ليرسلها إليه فقتل قبل إرسالها، وبلغه أيضا أن إنسانا من أعيان الموصل قد أثنى عليه بمكة فأرسل إليه كتابا يشكره ومعه هدية، وكان الصالح إماميا لم يكن على مذهب العلويين المصريين، ولما ولى العاضد الخلافة وركب سمع الصالح ضجة عظيمة فقال: ما الخبر؟ فقيل: إنهم يفرحون فقال: كأني بهؤلاء الجهلة وهم يقولون: ما مات الأول حتى استخلف هذا. وما علموا أنني كنت من ساعة استعرضهم استعراض الغنم قال عمارة (1): دخلت على الصالح قبل قتله بثلاثة أيام فناولني قرطاسا فيه بيتان من شعر وهما:
نحن في غفلة ونوم وللموت * عيون يقظانة لا تنام قد رحلنا إلى الحمام سنينا * ليت شعري متى تكون الحمام؟!
فكان آخر عهدي به. وقال عمارة أيضا: ومن عجيب الاتفاق إنني أنشدت ابنه قصيدة أقول فيها:
أبوك الذي تسطو الليالي بحده * وأنت يمين إن سطا وشمال