من شادن من بني الأقباط يعقد ما * بين الكثيب وبين الخضر زنارا وكأنه في بعض آناته يرى نفسه بين مصر والعراق، ويتذكر أدواره فيهما، و ما ناله في سفره إليهما من سراء أو ضراء، أو شدة أو رخاء، وما حظي من الأهلين من النعمة والنقمة، والاكبار والاستحقار، فيمدح هذا ويذم ذلك فيقول:
يا هذا قلت فاسمعي لفتى * في حاله عبرة لمعتبره أمرت بالصبر والسلو ولو * عشقت ألفيت غير مصطبره من مبلغ إخوتي؟ وإن بعدوا: * إن حياتي لبعدهم كدره قد همت شوقا إلى وجوههم * تلك الوجوه البهية النضرة أبناء ملك علاهم بهم * على العلا والفخار مفتخره ترمي بهم نعمة تزينها * مروءة لم تكن ترى نزره ما أنفك ذا الخلق بين منتصر * على الأعادي بهم ومنتصره جبال حلم بدور أندية * أسد وغى في الهياج مبتدره بيض كرام الفعال لا بخل الأيدي * وليست من الندى صفره للناس منهم منافع ولهم * منافع في الأنام مشتهرة متى أراني بمصر جارهم * نسبي بها كل غادة خضره والنيل مستكمل زيادته * مثل دروع الكماة منتثره تغدو الزواريق فيه مصعدة * بنا وطورا تروح منحدره والراح تسعى بها مذكرة * أردانها بالعبير مختمره بكران لكن لهذه مائة * وتلك ثنتان وثنتا عشره يا ليتني لم أر العراق ولم * أسمع بذكر الأهواز والبصرة ترفعني تارة وتخفضني * أخرى فمن سهلة ومن وعره فوق ظهر سلهبة (1) * قطانها والبدار مغتفره وتارة في الفرات طامية * أمواجه كالخيال معتكره حتى كأن العراق تعشقني * أو طالبتني يد النوى بتره