ولشهاب الدين المعروف بحيص بيص المتوفى 574 المدفون في مقابر قريش، في رثاء أهل البيت عليهم السلام عن لسانهم يخاطب من ناوئهم، وتجرأ على الله بقتلهم قوله:
ملكنا فكان العفو منا سجية * فلما ملكتم سال بالدم أبطح وحللتم قتل الأسارى وطالما * غدونا عن الاسرا نعف ونصفح (1) وأنت جد عليم أن مصارع أهل البيت عليهم السلام نوعا كانت بالعراق في مشهد الطف وغيره، ومنهم من قتل بفخ من أعمال مكة غير أنه واقع بينها وبين المدينة يبعد عنها نحو ستة أميال لا في جهة الأبطح الذي هو وادي المحصب بمقربة من منى في شرقي مكة. ولبعضهم يرثي الإمام السبط الشهيد عليه السلام قوله من قصيدة:
وتأن نفسي للربوع وقد غدا * بيت النبي مقطع الاطناب بيت لآل المصطفى في كربلا * ضربوه بين أباطح وروابي * (الوجه الثاني) *: إن سورة المعارج مكية باتفاق أهل العلم فيكون نزولها قبل واقعه الغدير بعشر سنين أو أكثر من ذلك.
* (الجواب) *: إن المتيقن من معقد الإجماع المذكور هو نزول مجموع السورة مكيا لا جميع آياتها فيمكن أن يكون خصوص هذه الآية مدنيا كما في كثير من السور، ولا يرد عليه أن المتيقن من كون السورة مكية أو مدنية هو كون مفاتيحها كذلك، أو الآية التي انتزع منها اسم السورة، لما قدمناه من أن هذا الترتيب هو ما اقتضاه التوقيف لا ترتيب النزول، فمن الممكن نزول هذه الآية أخيرا وتقدمها على النازلات قبلها بالتوقيف، وإن كنا جهلنا الحكمة في ذلك كما جهلناها في أكثر موارد الترتيب في الذكر الحكيم، وكم لها من نظير ومن ذلك.
1 - سور العنكبوت فإنها مكية إلا من أولها عشرة آيات كما رواه الطبري في تفسيره في الجزء العشرين ص 86، والقرطبي في تفسيره 13 ص 323، والشربيني في السراج المنير 3 ص 116.