الوداع وقد أجمع الناس على هذا، وفي الحديث: أنها لما شاعت في البلاد جائه الحارث وهو بالأبطح بمكة وطبع الحال يقتضي أن يكون ذلك بالمدينة فالمفتعل للرواية كان يجهل تاريخ قصة الغدير.
* (الجواب) *: أولا ما سلف في رواية الحلبي في السيرة، وسبط ابن الجوزي في التذكرة، والشيخ محمد صدر العالم في معارج العلى، من أن مجيئ السائل كان في المسجد - إن أريد منه مسجد المدينة - ونص الحلبي على أنه كان بالمدينة، لكن ابن تيمية عزب عنه ذلك كله، فطفق يهملج في تفنيد الرواية بصورة جزمية.
* (ثانيا) * فإن مغاضاة الرجل عن الحقايق اللغوية، أو عصبيته العمياء التي أسدلت بينه وبينها ستور العمى: ورطته في هذه الغمرة، فحسب اختصاص الأبطح بحوالي مكة. ولو كان يراجع كتب الحديث ومعاجم اللغة والبلدان والأدب لوجد فيها نصوص أربابها بأن الأبطح كل مسيل فيه دقاق الحصى، وقولهم في الإشارة إلى بعض مصاديقه: ومنه بطحاء مكة. وعرف أنه يطلق على كل مسيل يكون بتلك الصفة، وليس حجرا على أطراف البلاد وأكناف المفاوز أن تكون فيها أباطح.
روى البخاري في صحيحه 1 ص 181، ومسلم في صحيحه 1 ص 382 عن عبد الله ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ بالبطحاء بذي الحليفة فصلى بها.
وفي الصحيحين عن نافع: أن ابن عمر كان إذا صدر عن الحج أو العمرة أناخ بالبطحاء التي بذي الحليفة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم ينيخ بها.
وفي صحيح مسلم 1 ص 382 عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى في معرسه (1) بذي الحليفة فقيل له: إنك ببطحاء مباركة. وفي إمتاع المقريزي و غيره: أن النبي إذا رجع من مكة دخل المدينة من معرس الأبطح، فكان في معرسه في بطن الوادي فقيل له: إنك ببطحاء مباركة.
وفي صحيح البخاري 1 ص 175 عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينزل بذي الحليفة حين يعتمر، وفي حجته حين حج تحت سمرة في موضع المسجد الذي بذي الحليفة، وكان إذا رجع من غزو - كان في تلك الطريق - أو حج أو عمرة هبط ببطن واد