أصبحت وأمسيت في حمى الله الذي لا يستباح، وستره الذي لا تهتكه الرياح، ولا تخرقه الرماح، وذمة الله التي لا تخفر، وفي عزة الله التي لا تستذل ولا تقهر، وفي حزبه الذي لا يغلب، وفي جنده الذي لا يهزم، بالله استفتحت وبه استنجحت وتعززت وانتصرت وتقويت واحترزت، واستعنت بالله، وبقوة الله، وضربت على أعدائي وقهرتهم بحول الله، واستعنت عليهم بالله، وفوضت أمري إلى الله حسبي الله ونعم الوكيل، وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون، شاهت وجوه أعدائي فهم لا يبصرون، صم بكم عمى فهم لا يرجعون.
غلبت أعداء الله بكلمة الله (1) فلجت حجة الله على أعداء الله الفاسقين وجنود إبليس أجمعين، لن يضروكم إلا أذى، وإن يقاتلوكم يولوكم الادبار ثم لا ينصرون ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا اخذوا وقتلوا تقتيلا، لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى، ذلك بأنهم قوم لا يعقلون.
تحصنت منهم بالحصن الحصين، فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا، فآويت إلى ركن شديد، والتجأت إلى الكهف المنيع الرفيع، وتمسكت بالحبل المتين، وتدرعت بهيبة أمير المؤمنين، وتعوذت بعوذة سليمان بن داود عليه السلام واحترزت بخاتمه، فأنا أين كنت كنت آمنا مطمئنا وعدوي في الأهوال حيران، وقد حف بالمهانة، وألبس الذل، وقمع بالصغار.
وضربت على نفسي سرادق الحياطة، وعلقت (2) علي هيكل الهيبة وتتوجت بتاج الكرامة، وتقلدت بسيف العز الذي لا يفل، وخفيت عن الظنون، وتواريت عن العيون، وأمنت على روحي، وسلمت من أعدائي، وهم لي خاضعون، ومني خائفون، وعني نافرون، كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسوة، قصرت أيديهم عن بلوغي، وصمت آذانهم عن استماع كلامي، وعميت أبصارهم عن رؤيتي، وخرست ألسنتهم عن ذكري، وذهلت عقولهم عن معرفتي، وتخوفت قلوبهم وارتعدت