فهما صلاة الغداة خففتهما ودعوت بذلك الدعاء بعدهما فقلت له: أما خفت أبا جعفر؟ وقد أعدلك ما أعد؟ قال: خيفة الله دون خيفته، وكان الله عز وجل في صدري أعظم منه.
قال الربيع: كان في قلبي ما رأيت من المنصور ومن غضبه وحنقه على جعفر ومن الجلالة له في ساعة ما لم أظنه يكون في بشر، فلما وجدت منه خلوة وطيب نفس قلت: يا أمير المؤمنين رأيت منك عجبا قال: ما هو؟ قلت يا أمير المؤمنين رأيت غضبك على جعفر غضبا لم أرك غضبته على أحد قط، ولا على عبد الله بن الحسن ولا على غيره من كل الناس حتى بلغ بك الامر أن تقتله بالسيف، وحتى أنك أخرجت من سيفك شبرا ثم أغمدته، ثم عاتبته ثم أخرجت منه ذراعا ثم عاتبته ثم أخرجته كله إلا شيئا يسيرا فلم أشك في قتلك له، ثم انجلى ذلك كله، فعاد رضى حتى أمرتني فسودت لحيته بالغالية التي لا يتغلف (1) منها إلا أنت ولا يغلف منها ولدك المهدي، ولا من وليته عهدك، ولا عمومتك، وأجزته وحملته وأمرتني بتشييعه مكرما.
فقال: ويحك يا ربيع ليس هو كما ينبغي أن تحدث به، وستره أولى، ولا أحب أن يبلغ ولد فاطمة عليها السلام فيفتخرون ويتيهون بذلك علينا، حسبنا ما نحن فيه ولكن لا أكتمك شيئا، انظر من في الدار فنحهم، قال فنحيت كل من في الدار ثم قال لي: ارجع ولا تبق أحدا ففعلت ثم قال لي: ليس إلا أنا وأنت، والله لئن سمعت ما ألقيته إليك من أحد لأقتلنك وولدك وأهلك أجمعين، ولآخذن ما لك، قال قلت: يا أمير المؤمنين أعيذك بالله، قال: يا ربيع قد كنت مصرا على قتل جعفر ولا أسمع له قولا ولا أقبل له عذرا، وكان أمره - وإن كان ممن لا يخرج بسيف - أغلظ عندي وأهم علي من أمر عبد الله بن الحسن، وقد كنت أعلم هذا منه ومن آبائه على عهد بني أمية، فلما هممت به في المرة الأولى تمثل لي رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا هو