بأمر أن أعصيه لأنني ظننت أنه يأمرني أن آخذ السيف فأضرب به جعفرا، فقلت:
إن أمرني ضربت المنصور، وإن أتى ذلك علي وعلى ولدي، وتبت إلى الله عز وجل مما كنت نويت فيه أولا.
فأقبل يعاتبه وجعفر يعتذر، ثم انتضى السيف إلا شيئا يسيرا منه فقلت:
إنا لله مضى والله الرجل، ثم أغمد السيف وأطرق ساعة ثم رفع رأسه وقال:
أظنك صادقا، يا ربيع هات العيبة من موضع كانت فيه في القبه فأتيته بها، فقال:
أدخل يدك فيها، فكانت مملوءة غالية، وضعها في لحيته، وكانت بيضاء، فاسودت وقال لي: أحمله على فاره (1) من دوابي التي أركبها، وأعطه عشرة آلاف درهم وشيعه إلى منزله مكرما وخيره إذا أتيت به إلى المنزل بين المقام عندنا فنكرمه والانصراف إلى مدينة جده رسول الله صلى الله عليه وآله، فخرجنا من عنده وأنا مسرور فرح بسلامة جعفر عليه السلام، ومتعجب مما أراد المنصور وما صار إليه من أمره.
فلما صرنا في الصحن، قلت له: يا ابن رسول الله إني لاعجب مما عمد إليه هذا في بابك (2) وما أصارك الله إليه من كفايته ودفاعه ولا عجب من أمر الله عز وجل وقد سمعتك تدعو في عقيب الركعتين بدعاء لم أدر ما هو إلا أنه طويل، ورأيتك قد حركت شفتيك ههنا أعني الصحن بشئ لم أدر ما هو؟ فقال لي: أما الأول فدعاء الكرب والشدائد لم أدع به على أحد قبل يومئذ، جعلته عوضا من دعاء كثير أدعو به إذا قضيت صلاتي لأني لم أترك أن أدعو ما كنت أدعو به، وأما الذي حركت به شفتي فهو دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الأحزاب حدثني به أبي عن جده عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال: لما كان يوم الأحزاب كانت المدينة كالإكليل من جنود المشركين، كانوا كما قال الله عز وجل " إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا