وأستعيذ بك من بوادر النقم، غير مخيل (1) في عدلك خواطر التهم، سيدي عظم قدر من أسعدته باصطفائك، وعدم النصر من أبعدته من فنائك، سيدي ما أعظم روح قلوب المتوكلين عليك، وأنجح سعى الآملين لما لديك.
سيدي أنت أنقذت أولياءك من حيرة الشكوك، وأوصلت إلى نفوسهم (2) حبرة الملوك، وزينتهم بحلية الوقار والهيبة، وأسبلت عليهم ستور العصمة والتوبة وسيرت هممهم في ملكوت السماء، وحبوتهم بخصائص الفوائد والحباء، وعقدت عزائمهم بحبل محبتك، وآثرت خواطرهم بتحصيل معرفتك، فهم في خدمتك متصرفون وعند نهيك وأمرك واقفون، وبمناجاتك آنسون، ولك بصدق الإرادة مجالسون وذلك برأفة تحننك عليهم، وما أسديت من جميل منك إليهم.
سيدي بك وصلوا إلى مرضاتك، وبكرمك استشعروا ملابس موالاتك، سيدي فاجعلني ممن ناسبهم من أهل طاعتك، ولا تدخلني فيمن جانبهم من أهل معصيتك واجعل ما اعتقدته من ذكرك خالصا من شبه الفتن، سالما من تمويه الاسرار والعلن مشوبا بخشيتك في كل أوان، مقربا من طاعتك في الاظهار والابطان، داخلا فيما يؤيده الدين ويعصمه، خارجا مما تبنيه الدنيا وتهدمه، منزها عن قصد أحد سواك، وجيها عندك يوم أقوم لك وألقاك، محصنا من لواحق الرئاء، مبرءا من بوائق الأهواء، عارجا إليك مع صالح الأعمال، بالغدو والآصال، متصلا لا ينقطع بوادره، ولا يدرك آخره، مثبتا عندك في الكتب المرفوعة في عليين، مخزونا في الديوان المكنون الذي يشهده المقربون، ولا يمسه إلا المطهرون.
اللهم أنت ولي الأصفياء والأخيار، ولك (3) الخلق والاختيار، وقد ألبستني في الدنيا ثوب عافيتك، وأودعت قلبي صواب معرفتك، فلا تخلني في الآخرة عن عواطف رأفتك، واجعلني ممن شمله عفوك، ولم ينله سطوتك.
يا من يعلم علل الحركات وحوادث السكون، ولا تخفى عليه عواض الخطرات في محال الظنون، اجعلنا من الذين أوضحت لهم الدليل عليك، وفسحت لهم السبيل