تضل من هديت، ولا تذل من واليت، ولا يفتقر من أغنيت ولا يسعد من أشقيت وعزتك لقد أحببتك محبة استقرت في قلبي حلاوتها، وآنست نفسي ببشارتها ومحال في عدل أقضيتك أن تسد أسباب رحمتك عن معتقدي محبتك.
سيدي لولا توفيقك ضل الحائرون، ولولا تسديدك لم ينج المستبصرون أنت سهلت لهم السبيل حتى وصلوا، وأنت أيدتهم بالتقوى حتى عملوا، فالنعمة عليهم منك جزيلة، والمنة منك لديهم موصولة.
سيدي أسئلك مسألة مسكين ضارع، مستكين خاضع، أن تجعلني من الموقنين خبرا وفهما، والمحيطين معرفة وعلما، إنك لم تنزل كتبك إلا بالحق، ولم ترسل رسلك إلا بالصدق، ولم تترك عبادك هملا ولا سدى، ولم تدعهم بغير بيان ولا هدى (1) ولم ترض منهم بالجهالة والإضاعة، بل خلقتهم ليعبدوك، ورزقتهم ليحمدوك، ودللتهم على وحدانيتك ليوحدوك، ولم تكلفهم من الامر ما لا يطيقون ولم تخاطبهم بما يجهلون، بل هم بمنهجك عالمون، وبحجتك مخصوصون، أمرك فيهم نافذ، وقهرك بنواصيهم آخذ، تجتبي من تشاء فتدنيه، وتهدي من أناب إليك من معاصيك فتنجيه، تفضلا منك بجسيم نعمتك، على من أدخلته في سعة رحمتك يا أكرم الأكرمين، وأرأف الراحمين.
سيدي خلقتني فأكملت تقديري، وصورتني فأحسنت تصويري، فصرت بعد العدم موجودا وبعد المغيب شهيدا، وجعلتني بتحنن رأفتك تاما سويا، وحفظتني في المهد طفلا صبيا، ورزقتني من الغذاء سائغا هنيئا (2) ثم وهبت لي رحمة الآباء والأمهات، وعطفت علي قلوب الحواضن والمربيات، كافيا لي شرور الإنس والجان، مسلما لي من الزيادة والنقصان، حتى أفصحت ناطقا بالكلام ثم أنبتني زائدة في كل عام، وقد أسبغت علي ملابس الانعام.
ثم رزقتني من ألطاف المعاش، وأصناف الرياش، وكنفتني بالرعاية في جميع مذاهبي، وبلغتني ما أحاول من سائر مطالبي إتماما لنعمتك لدي، وإيجابا