بها عجز عنها صبري، فيا من قل شكري عند نعمه فلم يحرمني، وعجز صبري عند بليتي (1) فلم يخذلني، جميل فضلك علي أبطرني وجليل حلمك عني غرني سيدي قويت بعافيتك على معصيتك، وأنفقت نعمتك في سبيل مخالفتك، وأفنيت عمري في غير طاعتك، فلم يمنعك جرأتي على ما عنه نهيتني، ولا انتهاكي ما منه حذرتني: أن سترتني بحلمك الساتر، وحجبتني عن عين كل ناظر، وعدت بكريم أياديك حين عدت بارتكاب معاصيك (2) فأنت العواد بالاحسان، وأنا العواد بالعصيان.
سيدي أتيتك معترفا لك بسوء فعلي، خاضعا لك باستكانة ذلي، راجيا منك جميل ما عرفتنيه، من الفضل الذي عودتنيه، فلا تصرف رجائي من فضلك خائبا، ولا تجعل ظني بتطولك كاذبا، سيدي إن آمالي فيك (3) يتجاوز آمال الآملين، وسؤالي إياك لا يشبه سؤال السائلين، لان السائل إذا منع امتنع عن السؤال، وأنا فلا غناء بي عنك في كل حال.
سيدي غرني بك حلمك عني إذ حلمت، وعفوك عن ذنبي إذ رحمت، وقد علمت أنك قادر أن تقول للأرض خذيه فتأخذني، وللسماء أمطريه حجارة فتمطرني ولو أمرت بعضي [أن] يأخذ بعضا لما أمهلني، فامنن علي بعفوك عن ذنبي، وتب علي توبة نصوحا تطهر بها قلبي.
سيدي أنت نوري في كل ظلمة، وذخري لكل ملمة، وعمادي عند كل شدة، وأنيسي في كل خلوة ووحدة، فأعذني من سوء مواقف الخائنين (4) واستنقذني من ذل مقام الكاذبين.
سيدي أنت دليل من انقطع دليله، وأمل من امتنع تأميله، فإن كان ذنوبي حالت بين دعائي وإجابتك، فلم يحل (5) كرمك بيني وبين مغفرتك وإنك لا