ولا افتراق، أحمده على جزيل إحسانه، وأعوذ به من حلول خذلانه، واستهديه بنور برهانه، وأومن به حق إيمانه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي عم الخلائق جدواه، وتم حكمه فيمن أضل منهم وهداه، وأحاط علما بمن أطاعه وعصاه، واستولى على الملك بعز أبد (1) فحواه، فسبحت له السماوات وأكنافها، والأرض وأطرافها والجبال وأعراقها (2) والشجر وأغصانها، والبحار وحيتانها، والنجوم في مطالعها، والأمطار في مواقعها ووحوش الأرض وسباعها، ومدد الأنهار وأمواجها، وعذب المياه وأجاجها، وهبوب الريح وعجاجها، وكل ما وقع عليه وصف، وتسمية، أو يدركه حد يحويه، مما يتصور في الفكر، أو يتمثل بجسم أو قدر، أو ينسب إلى عرض أو جوهر، من صغير حقير، أو خطير كبير، مقرا له بالعبودية خاشعا، معترفا له بالوحدانية طائعا مستجيبا لدعوته خاضعا، متضرعا لمشيته (3) متواضعا، له الملك الذي لا نفاد لديموميته، ولا انقضاء لعدته.
وأشهد أن محمدا عبده الكريم، ورسوله الطاهر المعصوم، بعثه والناس في غمرة الضلالة ساهون، وفي غرة الجهالة لاهون، لا يقولون صدقا، ولا يستعملون حقا، قد اكتنفتهم القسوة، وحقت عليهم الشقوة، إلا من أحب الله إنقاذه، ورحمه وأعانه فقام محمد صلوات الله عليه وآله فيهم مجدا في إنذاره، مرشدا لأنواره، بعزم ثاقب، وحكم واجب، حتى تألق شهاب الايمان، وتفرق حزب الشيطان، وأعز الله جنده، وعبد وحده.
ثم اختاره الله فرفعه إلى روح جنته، وفسيح (4) كرامته، فقبضه تقيا زكيا راضيا مرضيا طاهرا نقيا، وتمت كلمات (5) ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم صلى الله عليه وعلى آله وأقربيه، وذوي رحمه ومواليه، صلاة جليلة جزيلة موصولة مقبولة لا انقطاع لمزيدها، ولا اتضاع لمشيدها، ولا امتناع لصعودها