فكيف لا يتبهج رجائي بحسن موعودك، إلهي تتابع احسانك إلي يدلني على حسن نظرك لي، فكيف يشقى امرء حسن له منك النظر.
إلهي إن نظرت إلي بالهلكة عيون سخطتك، فما نامت عن استنقاذي منها عيون رحمتك، إلهي إن عرضني ذنبي لعاقبك، فقد أدناني رجائي من ثوابك، إلهي إن عفوت فبفضلك، وإن عذبت فبعدلك، فيا من لا يرجى إلا فضله، ولا يخاف إلا عدله، صل على محمد وآل محمد، وامنن علينا بفضلك، ولا تستقص علينا في عدلك.
إلهي خلقت لي جسما، وجعلت لي فيه آلات أطيعك بها وأعصيك، وأغضبك بها وارضيك وجعلت لي من نفسي داعية إلى الشهوات، وأسكنتني دارا قد ملئت من الآفات ثم قلت لي: انزجر، فبك أنزجر، وبك أعتصم وبك أستجير، وبك أحترز وأستوفقك لما يرضيك، وأسألك يا مولاي فان سؤالي لا يحفيك.
إلهي أدعوك دعاء ملح لا يمل دعاء مولاه وأتضرع إليك تضرع من قد أقر على نفسه بالحجة في دعواه، إلهي لو عرفت اعتذار من الذنب في التنصل (1) أبلغ من الاعتراف به لآتيته، فهب لي ذنبي بالاعتراف ولا تردني بالخيبة عند الانصراف، إلهي سعت نفسي إليك لنفسي تستوهبها وفتحت أفواه آمالها نحو نظرة منك لا تستوجبها فهب لها ما سألت، وجد عليها بما طلبت، فإنك أكرم الأكرمين بتحقيق أمل الآملين إلهي قد أصبت من الذنوب ما قد عرفت، وأسرفت على نفسي بما قد علمت، فاجعلني عبدا إما طائعا فأكرمته وإما عاصيا فرحمته.
إلهي كأني بنفسي قد أضجعت في حفرتها، وانصرف عنها المشيعون من جيرتها، وبكى الغريب عليها لغربتها وجاد بالدموع عليها المشفقون من عشيرتها وناداها من شفير القبر ذوو مودتها، ورحمها المعادي لها في الحياة عند صرعتها، ولم يخف على الناظرين إليها عند ذلك ضر فاقتها، ولا على من رآها قد توسدت الثرى عجز حيلتها، فقلت: ملائكتي فريد نأى عنه الأقربون، ووحيد جفاه الأهلون نزل بي قريبا، وأصبح في اللحد غريبا، وقد كان لي في دار الدنيا داعيا، ولنظري