عواقب بلائها، وأنت القادر يا عزيز على كشف غمائها.
إلهي إن كنا مجرمين فانا نبكي على إضاعتنا من حرمتك ما تستوجبه، وإن كنا محرومين، فانا نبكى إذ فاتنا من جودك ما نطلبه إلهي شب حلاوة ما يستعذ به لساني من النطق في بلاغته، بزهادة ما يعرفه قلبي من النصح في دلالته.
إلهي أمرت بالمعروف وأنت أولى به من المأمورين، وأمرت بصلة السؤال وأنت خير المسؤولين، إلهي كيف ينقل بنا اليأس إلى الامساك عما لهجنا بطلابه، و قد ادرعنا من تأميلنا إياك أسبغ أثوابه إلهي إذا هزت الرهبة أفنان مخافتنا انقلعت من الأصول أشجارها، وإذا تنسمت أرواح الرغبة منا أغصان رجائنا أينعت بتلقيح البشارة أثمارها.
إلهي إذا تلونا من صفاتك " شديد العقاب " أسفنا، وإذا تلونا منها " الغفور الرحيم " فرحنا، فنحن بين أمرين فلا سخطك تؤمننا ولا رحمتك تويسنا، إلهي إن قصرت مساعينا عن استحقاق نظرتك، فما قصرت رحمتك بنا عن دفاع نقمتك.
إلهي إنك لم تزل علينا بحظوظ صنائعك منعما، ولنا من بين الأقاليم مكرما، وتلك عادتك اللطيفة في أهل الخيفة في سالفات الدهور وغابراتها، وخاليات الليالي وباقياتها، إلهي اجعل ما حبوتنا به من نور هدايتك درجات نرقى بها إلى ما عرفتنا من جنتك.
إلهي كيف تفرح بصحبة الدنيا صدورنا، وكيف تلتئم في غمراتها أمورنا وكيف يخلص لنا فيها سرورنا، وكيف يملكنا باللهو واللعب غرورنا، وقد دعتنا باقتراب الآجال قبورنا، إلهي كيف ينتهج في دار حفرت لنا فيها حفائر صرعتها وفتلت بأيدي المنايا حبائل غدرتها، وجرعتنا مكرهين جرع مرارتها، ودلتنا النفس على انقطاع عيشتها، لولا ما صنعت (1) إليه هذه النفوس من رفائغ لذتها وافتتانها بالفانيات من فواحش زينتها، إلهي فإليك نلتجئ فإليك نلتجئ من مكائد خدعتها، وبك نستعين على عبور قنطرتها، وبك نستفطم الجوارح عن أخلاف شهوتها، وبك نستكشف