جلابيب حيرتها، وبك نقوم من القلوب استصعاب جهالتها.
إلهي كيف للدور أن تمنع من فيها من طوارق الرزايا، وقد أصيب في كل دارسهم من أسهم المنايا، إلهي ما تتفجع أنفسنا من النقلة عن الديار إن لم توحشنا هنالك من مرافقة الأبرار، إلهي ما تضيرنا فرقة الاخوان والقرابات إن قربتنا منك يا ذا العطيات، إلهي ما تجف من ماء الرجاء مجاري لهواتنا إن لم تحم طير الأشائم (1) بحياض رغباتنا.
إلهي إن عذبتني فعبد خلقته لما أردته فعذبته، وإن رحمتني فعبد وجدته مسيئا فأنجيته، إلهي لا سبيل إلى الاحتراس من الذنب إلا بعصمتك، ولا وصول إلى عمل الخيرات إلا بمشيتك، فكيف لي بإفادة ما أسلفتني فيه مشيتك، وكيف بالاحتراس من الذنب ما لم تدركني فيه عصمتك، إلهي أنت دللتني على سؤال الجنة قبل معرفتها، فأقبلت النفس بعد العرفان على مسئلتها، أفتدل على خيرك السؤال ثم تمنعهم النوال، وأنت الكريم المحمود في كل ما تصنعه يا ذا الجلال والاكرام.
إلهي إن كنت غير مستوجب لما أرجو من رحمتك، فأنت أهل التفضل علي بكرمك، فالكريم ليس يصنع كل معروف عند من يستوجبه، إلهي إن كنت غير مستأهل لما أرجو من رحمتك، فأنت أهل أن تجود على المذنبين بسعة رحمتك، إلهي إن كان ذنبي قد أخافني فان حسن ظني بك قد أجارني، إلهي ليس تشبه مسئلتي مسألة السائلين، لان السائل إذا منع امتنع عن السؤال، وأنا لاغناء بي عما سألتك على كل حال، إلهي ارض عني فإن لم ترض عني فاعف عني، فقد يعفو السيد عن عبده وهو عنه غير راض.
إلهي كيف أدعوك وأنا أنا، أم كيف أيأس منك وأنت أنت، إلهي إن نفسي قائمة بين يديك وقد أظلها حسن توكلي عليك، فصنعت بها ما يشبهك وتغمدتني بعفوك، إلهي إن كان قد دنا أجلي ولم يقربني منك عملي، فقد جعلت الاعتراف بالذنب إليك وسائل عللي، فان عفوت فمن أولى منك بذلك، وإن عذبت فمن