بمرسلات العبرات، وهب لي كثير السيئات لقليل الحسنات.
إلهي إن كنت لا ترحم إلا المجدين في طاعتك، فإلى من يفزع المقصرون وإن كنت لا تقبل إلا من المجتهدين فإلى من يلتجئ المفرطون (1) وإن كنت لا تكرم إلا أهل الاحسان فكيف يصنع المسيئون، وإن كان لا يفوز يوم الحشر إلا المتقون فبمن يستغيث المذنبون (2).
إلهي إن كان لا يجوز على الصراط إلا من أجازته براءة عمله فأنى بالجواز لمن لم يتب إليك قبل انقضاء أجله، إلهي إن لم تجد إلا على من عمر بالزهد مكنون سريرته، فمن للمضطر الذي لم يرضه بين العالمين سعى نقيبته، إلهي إن حجبت عن موحديك نظر تغمدك لجناياتهم، أوقعهم غضبك بين المشركين في كرباتهم.
إلهي إن لم تنلنا يد إحسانك يوم الورود، اختلطنا في الجزاء بذوي الجحود اللهم فأوجب لنا بالاسلام مذخور هباتك، واستصف ما كدرته الجرائر منا بصفو صلاتك.
إلهي ارحمنا غرباء إذا تضمنتنا بطون لحودنا، وغميت باللبن سقوف بيوتنا وأضجعنا مساكين على الايمان في قبورنا، وخلفنا فرادى في أضيق المضاجع، وصرعتنا المنايا في أعجب المصارع، وصرنا في دار قوم كأنها مأهولة وهي منهم بلاقع إلهي إذا جئناك عراة حفاة مغبرة من ثرى الأجداث رؤوسنا، وشاحبة من تراب الملاخيد وجوهنا (3) وخاشعة من أفزاع القيامة أبصارنا وذابلة من شدة العطش شفاهنا وجائعة لطول المقام بطوننا، وبادية هنالك للعيون سوأتنا، وموقرة من ثقل الأوزار ظهورنا، ومشغولين بما قد دهانا عن أهالينا وأولادنا، فلا تضعف المصائب علينا بإعراض وجهك الكريم عنا، وسلب عائدة ما مثله الرجاء منا.
إلهي ما حنت هذه العيون إلى بكائها، ولا جادت متشربة بمائها، ولا أسهدها بنحيب الثاكلات فقد عزائها إلا لما أسلفته من عمدها وخطائها، وما دعاها إليه