فيهما، فالعذر إذن مزيف إلا على من ران على قلبه مما كسب.
قوله: مقتفين في ذلك أثر كثير من العلماء وجم غفير من الكبراء الأتقياء (1).
أقول: لم يرض هذا المعتذر أن يرتكب ما ارتكب إلا بأن ينسب مثل فعله إلى الأتقياء على قاعدة قوله تعالى وقوله رسوله المعلومين لأهل العلم وتركنا ذكره بعينه حذرا من خبط الجهال في المثال. وليت شعري أي تقي ارتكب ما ارتكبه من أخذ قرية يتسلط فيها بالسلطان من غير سبق العياء ولا غيره من الأسباب المملكة، فإن كان وهمه يذهب إلى مثل العلامة جمال الملة والدين الحسن بن يوسف بن المطهر قدس الله سره - فهذا من الذي يجب عنه الاستغفار ويطهر القسم بتكراره بعد المضمضة، فإن الذي كان له من القرى حفر أنهارها بنفسه وأحياها بماله لم يكن لأحد فيها من الناس تعلق أبدا، وهذا مشهور بين الناس، ويدل عليه ونزيده بيانا أنه وقف أكثر قراه في حياته وقفا مؤبدا، ورأيت خطه عليه وخط الفقهاء المعاصرين له من الشيعة والسنة، ومنه إلى الآن ما هو في يد ينسب إليه بقبضه بسبب الوقف الصحيح، وفي صدر سجل الوقف أنه أحياها وكانت مواتا، والوقف الذي عليه خطه وخط الفقهاء موجود الآن ومع ذلك فالظن بمثله لما علم من تقواه وتورعه يجب أن يكون حسنا مع أنه يتمكن من الأمور على ما في نفسه، ولو لم يكن من تقواه، إلا أن أهل زمانه فيه بين معتقد فيه ما لا يذكر وآخر يعتقد فيه الأمر المنكر ويبالغون في نقضه ويعملون بنقل الميت دون قوله كما صرح به هو عن نفسه وهو في أعلى مراتب القدرة عليهم، ولم يتعرض لغير الاشتغال باكتساب الفضائل العلمية والأحكام النبوية وإحياء دارس الشريعة المحمدية لكان كافيا في كمال ورعه وجمال سيرته، ونحو ذلك يقال في مثل علم الهدى وأخيه رضوان الله عليهما - على أن الذي يجب على هذا المستشهد