أنفسهم ليتم نظامهم ويتوفر دواعيهم إلى حاجاتهم المتفرعة عن غناهم، ونحو ذلك من أمره ظالم بمال على عامل لا يستحق عنده شيئا كعشار مثلا فأخذ رطل إبريسم مثلا فباعه عليه بإثني عشر تومانا وقيمة الرطل أضعافه والمأمور عليه لا يقدر أن يمتنع لخوف من الظالم فإن ذلك خيانة وإعانة على منكر وهو أمر الظالم على المظلوم بما لا يستحق وعدم انزجار العامل عن عمله، فانظر أيها العاقل اللبيب كم بين الصورتين اللتين في المسألة من ألف ألف جريب، وبعض قاصري النظر عادمي الفكر يتسلط على جواز الصور بورودها في مثل دفع الربا والشفعة، وليس إلا من غلبة حب الدنيا المقتضي لعدم البصيرة، ونعوذ بالله من ذلك.
الثالثة: إذا كان على فقير من السادة أو العوام دين لرجل وعلى الآخر حق من الخمس أو الزكاة، وعلم كل منهما أن المدين لا يتمكن من أداء الدين لإعساره، فصالح ذو الحق - صاحب الدين على ما في ذمته الفقير بشئ نذر رضي به صاحب الدين لعلمه بعدم تمكنه من الاستيفاء، ثم احتسب ذو الحق ما يستحقه في ذمة الفقير من حق الله تعالى عليه فإنه يصح ولا ينافي الحكمة، لكن احتساب قدر ما دفع وإبراء الفقير أو إنظاره بالباقي ودفع باقي ما في ذمته من الحق إلى الفقراء أولى. ولهذا ورد في الشرع المطهر كراهة صرف الصدقات الواجبة إلى من يعتاد صلته من الإخوان (1)، وربما كان من هذا الباب الصور الشرعية في دفع القرض بزيادة عليه، وحكى لي من أثق بدينه إن الشهيد ابن مكي تغمده الله برحمته وأسكنه بحبوحة جنته سئل لما قدم المدينة حاجا عن المائة يزاد عليها عشرون فقال ربا والله ربا والله، فقالوا له: ليس كما تذهب لكن نحن نقرض المائة ونستوهب عشرين منها ثم نقرض العشرين، فقال: حيلة حيلة لا أدري.
فانظر إلى تورع هذا الفقيه واحتياطه في عدم الحيلة المحتملة، وما نال الفقهاء