بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٤ - الصفحة ٣٤٩
مطاياه إلى دار الثواب والعقاب والجزاء والحساب.
فرحم الله امرءا راقب ربه، وتنكب ذنبه (1) وكابر هواه، وكذب مناه، امرء أزم نفسه من التقوى بزمام، وألجمها من خشية ربها بلجام، فقادها إلى الطاعة بزمامها، وقدعها عن المعصية بلجامها (2) رافعا إلى المعاد طرفه (3) متوقعا في كل أوان حتفه (4) دايم الفكر، طويل السهر، عزوفا عن الدنيا، سأما كدوحا لاخرته متحافظا (5) امرءا جعل الصبر مطية نجاته، والتقوى عدة وفاته، ودواء أجوائه فاعتبر وقاس، وترك الدنيا والناس، يتعلم للتفقه والسداد، وقد وقر قلبه ذكر المعاد وطوى مهاده (6) وهجر وساده، منتصبا على أطرافه، داخلا في أعطافه، خاشعا لله عز وجل، يراوح بين الوجه والكفين (7) خشوع في السر لربه، لدمعه صبيب ولقلبه وجيب (8) شديدة أسباله، ترتعد من خوف الله جل ذكره أوصاله (9) قد عظمت

(1) تنكب أي تجنب. وكابر أي خالف وغالب. وفى بعض نسخ المصدر " كابد " أي قاساه وتحمل المشاق في فعله.
(2) قدعه كمنعه -: كفه. وفى بعض نسخ المصدر " وقرعها ".
(3) طرفه أي عينه.
(4) الحتف: الموت.
(5) عزفت عن كذا أي زهدت فيه وانصرفت عنه. سأما أي ملولا. والكدح:
السعي والاهتمام.
(6) الجوى: الحرقة من وجد أو حزن. و " طوى مهاده " أي على اقدامه.
(7) أعطاف جمع عطاف وهو الرداء. " يراوح " أي يضع جبهته تارة للسجود ويرفع بدنه تارة في الدعاء ففي اعمال كل واحد منهما راحة للأخرى.
(8) أي هو صاب كثير الصب لدمعه. ولقلبه وجيب أي اضطراب. واسبال جمع سبل - بالتحريك - المطر والدمع إذا هطل.
(9) الأوصال: المفاصل.
(٣٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 ... » »»
الفهرست