يعني ما نشأ من الباطل والضلالة والغي ورعاية العاجلة من الأعمال السيئة، فكل من عمل عملا من الخير طاعة لله آتيا فيه بالحق على هدى من ربه، ورشدة من أمره، ولعاقبة أمره، فهو حسنة يتقبله الله بقبول حسن، ومن عمل عملا من الخير والشر طاعة للشيطان، آتيا فيه بالباطل، على ضلالة من نفسه، وغي من أمره ولعاجلة أمره، فهو سيئة مردود إلى من عمل له، ومن عمل عملا مركبا من أجزاء بعضها لله، وبعضها للشيطان، فما كان لله فهو لله، وما كان للشيطان فهو للشيطان، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره، فان أشرك بالله الشيطان في عمله أو في جزء من عمله، فهو مردود إليه لان الله لا يقبل الشريك كما يأتي بيانه في باب الرئاء إنشاء الله.
وربما يقال: إن كان الباعث الإلهي مساويا للباعث الشيطاني تقاوما وتساقطا وصار العمل لا له ولا عليه، وإن كان أحدهما غالبا على الآخر بأن يكون أصلا وسببا مستقلا، ويكون الآخر تبعا غير مستقل، فالحكم للغالب إلا أن ذلك مما يشتبه على الانسان في غالب الامر، فربما يظن أن الباعث الأقوى قصد التقرب ويكون الأغلب على سره الحظ النفساني، فلا يحصل الامن إلا بالاخلاص وقلما يستيقن الاخلاص من النفس، فينبغي أن يكون العبد دائما مترددا بين الرد والقبول، خائفا من الشوائب، والله الموفق للخير والسداد.
5 - الكافي: عن العدة عن سهل، عن علي بن أسباط، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يقول: طوبى لمن أخلص لله العبادة والدعاء، ولم يشغل قلبه بما ترى عيناه، ولم ينس ذكر الله بما تسمع أذناه، ولم يحزن صدره بما أعطي غيره (1).
بيان: " طوبى " أي الجنة، أو طيبها، أو شجرة فيها كما ورد في الخبر أو العيش الطيب، أو الخير " لمن أخلص لله العبادة والدعاء "، أي لم يعبد ولم يدع غيره تعالى، أو كان غرضه من العبادة والدعاء رضي الله سبحانه من غير رئاء.