بأنه لو قال أصلي لثواب الله أو الهرب من عقابه فسدت صلاته، ومن قال بأن ذلك القصد غير مفسد للعبادة، منع خروجها به عن درجة الاخلاص، وقال إن إرادة الفوز بثواب الله والسلامة من سخطه ليس أمرا مخالفا لإرادة وجه الله سبحانه، وقد قال تعالى في مقام مدح أصفيائه " كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا و رهبا " (1) أي للرغبة في الثواب والرهبة من العقاب، وقال سبحانه " وادعوه خوفا وطمعا " (2) وقال تعالى " يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون " (3) أي حال كونهم راجين للفلاح أو لكي تفلحوا والفلاح هو الفوز بالثواب، نص عليه الشيخ أبو علي الطبرسي رحمه الله.
هذا ما وصل إلينا من كلام هؤلاء وللمناقشة فيه مجال أما قولهم إن تلك الإرادة ليست مخالفة لإرادة وجه الله تعالى فكلام ظاهري قشري إذا لبون البعيد بين إطاعة المحبوب والانقياد إليه لمحض حبه وتحصيل رضاه، وبين إطاعته لأغراض أخر أظهر من الشمس في رابعة النهار، والثانية ساقطة بالكلية عن درجة الاعتبار عند أولي الابصار.
وأما الاعتضاد بالآيتين الأوليين ففيه أن كثيرا من المفسرين ذكروا أن المعنى راغبين في الإجابة راهبين من الرد والخيبة وأما الآية الثالثة فقد ذكر الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان أن معنى لعلكم تفلحون: لكي تسعدوا، ولا ريب أن تحصيل رضاه سبحانه هو السعادة العظمى، وفسر، رحمه الله الفلاح في قوله تعالى " أولئك هم المفلحون " بالنجاح والفوز، وقال شيخ الطائفة في التبيان: المفلحون هم المنجحون الذين أدركوا ما طلبوا من عند الله بأعمالهم وإيمانهم، وفي تفسير البيضاوي المفلح الفائز بالمطلوب، ومثله في الكشاف نعم فسر الطبرسي رحمه الله الفلاح في قوله:
" قد أفلح المؤمنون " بالفوز بالثواب، لكن مجيئه في هذه الآية بهذا المعنى لا يوجب