سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن قوله تعالى: " أيكم أحسن عملا " ما عنى به؟ فقال:
يقول: أيكم أحسن عقلا، ثم قال صلى الله عليه وآله: أتمكم عقلا وأشدكم لله خوفا وأحسنكم فيما أمر الله به ونهى عنه نظرا، وإن كان أقلكم تطوعا. وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله أنه تلا قوله: " تبارك الذي بيده الملك " إلى قوله:
" أيكم أحسن عملا " ثم قال: أيكم أحسن عقلا وأورع عن محارم الله وأسرع في طاعة الله، وعن الحسن أيكم أزهد في الدنيا وأترك لها انتهى (1).
وفي القاموس الصواب ضد الخطأ كالإصابة، وقال: الإصابة الاتيان بالصواب وإرادته. والابقاء على العمل محافظته والاشفاق عليه وحفظ عن الفساد، قال:
الجوهري أبقيت على فلان إذا أرعيت عليه [ورحمته]، يقال: لا أبقى الله عليك إن أبقيت على، والاسم منه البقيا انتهى.
والحاصل أن رعاية العمل وحفظه عند الشروع وبعده إلى الفراغ منه، وبعد الفراغ إلى الخروج من الدنيا حتى يخلص عن الشوائب الموجبة لنقصه أو فساده أشد من العمل نفسه، كما سيأتي في باب الرئاء عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: الابقاء على العمل أشد من العمل، قال: وما الابقاء على العمل؟ قال: يصل الرجل بصلة وينفق نفقة لله وحده لا شريك له فتكتب له سرا ثم يذكرها فتمحى وتكتب له علانية ثم يذكرها فتمحى فتكتب له رئاء، ومن عرف معنى النية وخلوصها علم أن إخلاص النية أشد من جميع الأعمال كما سيأتي تحقيقه إنشاء الله.
ثم بين عليه السلام معنى العمل الخالص بأنه هو العمل الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عز وجل، لا عند الفعل، ولا بعده، أي يكون خالصا عن أنواع الرئاء والسمعة وقد يقال: لو كان سروره باعتبار أن الله تعالى قبل عمله حيث أظهر جميله كما روي في الحديث القدسي عملك الصالح عليك ستره وعلي أظهاره أو باعتبار أنه استدل باظهار جميله في الدنيا على إظهار جميله في الآخرة أو باعتبار رغبتهم إلى طاعة الله وميل قلوبهم إليها، لم يقدح ذلك في الخلوص