عن شرار الخلق، فلذا ورد أن نية المؤمن خير من عمله، ومن عرف ذلك لم يحتج إلى تأويل الخبر بما ستسمع من الوجوه (1) مع ركاكة أكثرها وبعدها عن نظم الكلام فلذا قال: " النية أفضل من العمل " والسعي في تصحيحها أهم.
فان قيل: العمل بلا نية باطل، ومعها النية داخلة فيه فكيف يفضل النية على العمل، فإنه يوجب تفضيل الجزء على الكل قلنا المراد به أن العمل المقرون بالنية نيته خير من سائر أجزائه، سواء جعلنا النية جزءا من العمل أو شرطا فيه وقوله عليه السلام: ألا وإن النية هي العمل مبالغة في اشتراط العمل بها وأنه لا اعتداد بالعمل بدونها، فكأنها عينه، ولذا أكد بحرف التأكيد وحرف التنبيه واسمية الجملة، وتعريف الخبر باللام المفيد للحصر، وضمير الفصل المؤكد له.
وقيل: إشارة إلى دفع ما يتوهم من أن المفضل عليه لابد أن يكون من جنس المفضل، والنية ليست من جنس العمل، فأجاب عليه السلام بأن النية أيضا عمل من أعمال القلب، ولا يخفى ضعفه.
والاستشهاد بالآية الكريمة لبيان أن مدار العمل على النية صحة وفسادا ونقصا وكمالا، حيث قال: " قل كل يعمل على شاكلته " يعني على نيته.
وكأنه عليه السلام فسر الشاكلة التي تطلق غالبا على الحالة والطريقة بالنية إيذانا بأن النية تابعة لحالة الانسان وطريقته، كما أومأنا إليه، وإن ورد بمعنى النية أيضا قال الفيروزآبادي: الشاكلة الشكل، والناحية والنية والطريقة، وقال في مجمع البيان: أي كل واحد من المؤمن والكافر يعمل على طبيعته وخليقته التي تخلق بها عن ابن عباس، وقيل: على طريقته وسنته التي اعتادها، وقيل: ما هو أشكل بالصواب وأولى بالحق عنده عن الجبائي، قال: ولهذا قال: " فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا " (2) أي أنه يعلم أي الفريقين على الهدى؟ وأيهما على الضلال؟ وقيل: معناه أنه أعلم بمن هو أصوب دينا وأحسن طريقة، وقال بعض أرباب اللسان: إن هذه الآية أرجا آية في كتاب الله، لان الأليق بكرمه