" كريم " بالذات فالإثابة على نية الخير من سعة جوده وكرمه، لا من استحقاقهم ذلك.
قال الشيخ البهائي قدس سره: هذا الحديث يمكن أن يجعل تفسيرا لقوله عليه السلام: " نية المؤمن خير من عمله " فان المؤمن ينوي كثيرا من هذه النيات فيثاب عليها، ولا يتيسر العمل إلا قليلا انتهى.
وأقول: النية تطلق على النية المقارنة للفعل، وعلى العزم المتقدم عليه سواء تيسر العمل أم لا، وعلى التمني للفعل، وإن علم عدم تمكنه منه، والمراد هنا أحد المعنيين الأخيرين، ويمكن أن يقال: إن النية لما كانت من الأفعال الاختيارية القلبية، فلا محالة يترتب عليها ثواب، وإذا فعل الفعل المنوي يترتب عليه ثواب آخر، ولا ينافي اشتراط العمل بها تعدد الثواب كما أن الصلاة صحتها مشروطة بالوضوء، ويترتب على كل منهما ثواب إذا اقترنا.
فإذا لم يتيسر الفعل لعدم دخوله تحت قدرته، أو لمانع عرض له، يثاب على العزم، وترتب الثواب عليه غير مشروط بحصول الفعل، بل بعدم تقصيره فيه فالثواب الوارد في الخبر يحتمل أن يكون هذا الثواب فله مع الفعل ثوابان، وبدونه ثواب واحد، فلا يلزم كون العمل لغوا، ولا كون ثواب النية والعمل معا، كثوابها فقط، ويحتمل أن يكون ثواب النية كثوابها مع العمل بلا مضاعفة، ومع العمل يضاعف عشر أمثالها أو أكثر.
ويؤيده ما سيأتي أن الله جعل لآدم أن من هم من ذريته بسيئة لم تكتب عليه، وإن عملها كتبت عليه سيئة، ومن هم منهم بحسنة فإن لم يعملها كتبت له حسنة، فان هو عملها كتبت له عشرا، وإن أمكن حمله على ما إذا لم يعملها مع القدرة عليها.
وعلى ما حققنا أن النية تابعة للشاكلة والحالة وأن كمالها لا يحصل إلا بكمال النفس واتصافها بالأخلاق الرضية الواقعية فلا استبعاد في تساوي ثواب من عزم على فعل على وجه خاص من الكمال، ولم يتيسر له، ومن فعله على هذا