شاكلة له، ولم تكن بحيث علم الله أنه لو بقي لأتى بها، أو يحمل عدم كتابة السيئة على المؤمنين، وهذا إنما هو في الكفار، وقد يستدل بهذا الخبر على أن كل كافر يمكن في حقه التوبة والايمان لا يموت على الكفر.
أقول: ويمكن أن يستدل به على أن بالعزم على المعصية، يستحق العقاب وإن عفى الله عن المؤمنين تفضلا، وما ذكره المحقق الطوسي قدس سره في التجريد في مسألة خلق الأعمال حيث قال: وإرادة القبيح قبيحة، يدل على أنه يعد إرادة العباد للحرام فعلا قبيحا محرما، وهو الظاهر من كلام أكثر الأصحاب سواء كان تاما مستتبعا للقبيح أو عزما ناقصا غير مستتبع، لكن قد تقرر عندهم أن إرادة القبيح إذا كانت غير مقارنة لفعل قبيح يتعلق بها العفو كما دلت عليه الروايات وسيأتي بعضها، وأما إذا كانت مقارنة فلعله أيضا كذلك، وادعى بعضهم الاجماع على أن فعل المعصية لا يتعلق به إلا إثم واحد، ومن البعيد أن يتعلق به إثمان أحدهما بإرادته والآخر بايقاعه.
فيندفع حينئذ التدافع بين ما ذكره المحقق رحمه الله من قبح إرادة القبيح وبين ما هو المشهور من أن الله تعالى لا يعاقب بإرادة الحرام، وإنما يعاقب بفعله وما أوله به بعضهم من أن المراد أنه لا يعاقب العقوبة الخاصة بفعل المعصية بمجرد إرادتها، ويثيب الثواب الخاص بفعل الطاعة بمجرد إرادتها، ففيه أن شيئا من ذلك غير صحيح، فان الظاهر من النصوص أنه تعالى لا يعاقب ولا يؤاخذ على إرادة المعصية أصلا، وأن الاجماع قائم على أن ثواب الطاعة لا يترتب على إرادتها، بل المترتب عليها نوع آخر من الثواب يختلف باختلاف الأحوال المقارنة لها من خلوص النية وشدة الجد فيها والاستمرار عليها، إلى غير ذلك، ولامانع من أن تصير في بعض الأحوال أعظم من ثواب نفس الفعل الذي لم يكن لصاحبه تلك الإرادة البالغة الجامعة لهذه الخصوصيات، وكأن تتبع الآثار المأثورة يغني عن الإطالة في هذا الباب.
وأقول: قد عرفت بعض ما حققنا في ذلك وسيأتي إنشاء الله تمام الكلام