فقالا لها: نجيبك إلى ما سألت، فقالت: فدونكما، فاشربا هذه الخمر فإنه قربان لكما، وبه تصلان إلى ما تريدان، فائتمرا بينهما فقالا: هذه ثلاث خصال مما نهانا ربنا عنها: الشرك، والزنا، وشرب الخمر، وإنما ندخل في شرب الخمر و الشرك حتى نصل إلى الزنا، فائتمرا بينهما، فقالا: ما أعظم البلية بك! قد أجبناك إلى ما سألت، قالت: فدونكما فاشربا من هذه الخمر، واعبدا هذا الصنم، واسجدا له فشربا الخمر، وعبدا الصنم، ثم راوداهما عن نفسها، فلما تهيأت لهما وتهيئا لها دخل عليهما سائل يسأل [هذه] فلما أن رآهما ورأياه ذعرا منه فقال لهما: إنكما نابان (1) ذعران، قد خلوتما بهذه المرأة المعطرة الحسناء، إنكما لرجلا سوء، و خرج عنهما. فقالت لهما: لا وإلهي ما تصلان الآن إلي وقد اطلع هذا الرجل على حالكما وعرف مكانكما، ويخرج الآن ويخبر بخبركما، ولكن بادرا إلى هذا الرجل فاقتلاه قبل أن يفضحكما ويفضحني ثم دونكما، فاقضيا حاجتكما و أنتما مطمئنان آمنان قال: فقاما إلى الرجل فأدركاه فقتلاه ثم رجعا إليها، فلم يرياها وبدت لهما سوآتهما ونزع عنهما رياشهما وأسقطا في أيديهما، قال: فأوحى الله إليهما أن أهبطتكما إلى الأرض مع خلقي ساعة من النهار فعصيتماني بأربع من معاصي كلها قد نهيتكما عنها وتقدمت إليكما فيها فلم تراقباني (2) ولم تستحييا مني وقد كنتما أشد من نقم على أهل الأرض المعاصي واستجر أسفي وغضبي عليهم لما جعلت فيكما من طبع خلقي وعصمتي إياكما من المعاصي، فكيف رأيتما موضع خذلاني فيكما؟ اختارا عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة، فقال أحدهما لصاحبه:
نتمتع من شهواتنا في الدنيا إذ صرنا إليها إلى أن نصير إلى عذاب الآخرة. فقال الآخر: إن عذاب الدنيا له مدة وانقطاع، وعذاب الآخرة دائم لا انقطاع له فلسنا نختار عذاب الآخرة الدائم الشديد على عذاب الدنيا المنقطع الفاني. قال:
فاختارا عذاب الدنيا، فكانا يعلمان الناس السحر في أرض بابل، ثم لما علما الناس