يستحقه من النعيم، فيجد لذتها منه في الجواب. وينزل جل جلاله على من يريد تعذيبه في البرزخ ملكين اسمهما (1) ناكر، ونكير، فيوكلهما بعذابه. ويكون الغرض في مساءلتهما له استخراج علامة استحقاقه من العقاب بما يظهر في جوابه من التلجلج عن الحق، أو الخبر عن سوء الاعتقاد، أو ابلاسه وعجزه عن الجواب.
وليس ينزل الملكان من أصحاب القبور إلا على ما ذكرناه.
وأما ما ذكره السيد الداماد - رحمه الله - تبعا للفلاسفة حيث قال: من الدائر على الألسن أن وصف القرآن بالنزول التي لا يتصف به إلا المتحيز بالذات دون الاعراض وسيما غير القارات كالأصوات إنما هو بتبعية محله، سواء اخذ حروفا ملفوظة، أو معاني محفوظة، وهو الملك الذي يتلقف الكلام من جناب الملك العلام تلقفا سماعيا، أو يتلقاه تلقيا روحانيا، أو يتحفظه من اللوح المحفوظ ثم ينزل به على الرسول، ولا يتمشى هذا النمط إلا على القول بتجسم الملائكة. وإنما الخارجون عن دائرة التحصيل ممشاهم ذلك، فأما ما هو صريح الحق وعليه الحكماء الإلهيون والمحصلون من أهل الاسلام أن الملائكة على قبائل سفلية وعلوية أرضية وسماوية، جسمانية وقدسانية، وفي القبائل شعوب وطبقات، كالقوى المنطبعة، والطبائع الجوهرية، وأرباب الأنواع، والنفوس المفارقة السماوية والجواهر العقلية القادسية (2) بطبقات أنواعها وأنوارها، ومنها روح القدس النازل بالوحي النافث في أرواح أولي القوة القدسية بإذن الله سبحانه " وما يعلم جنود ربك إلا هو (3) " وفي الحديث عنه عليه السلام " أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أو راكع " فالامر غير خفي، اللهم إلا أن يسمى ظهورهم العقلاني لنفوس الأنبياء عليهم السلام نزولا، تشبيها للهيولى العقلي و الاعتلاق الروحاني بالنزول الحسي والاتصال المكاني، فيكون قولنا نزول الملك