ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون (1) " وقال تعالى " إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون (2) " وقد مر تفصيله في كتاب المعاد.
" الشاخص الذي ينتظر منك الاذن " أي شخص ببصره، لا يطرف من يوم خلقته انتظارا لما سوف يؤمر به بعد انقضاء أمر الدنيا، والمرتفع الماد عنقه لذلك أو الرفيع الشأن والأول أظهر. قال الفيروزآبادي: شخص - كمنع - شخوصا:
ارتفع، وبصره: فتح عينيه وجعل لا يطرف، وبصره: رفعه. والاذن في النفخ والامر أيضا فيه، أو المراد أمر القيامة " فينبه بالنفخة صرعى رهائن القبور " في القاموس: الصرع: الطرح على الأرض، وكأمير: المصروع، والجمع صرعى (انتهى) والصريع يطلق على الميت، وعلى المقتول، لأنهما يطرحان على الأرض وفي القاموس: الرهن: ما وضع عندك لينوب مناب ما أخذ منك، وكل ما احتسب به شئ فرهينة، وراهن الميت القبر ضمنه إياه والرهينة كسفينة واحد الرهائن.
أقول: يمكن أن يكون المراد برهائن القبور مودعاتها أي الذين أقاموهم فيها إلى يوم البعث، أو من ارتهن بعمله في القبر كما قال تعالى: " كل نفس بما كسبت رهينة " (3) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله: إن أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكوها باستغفاركم. ومثله في الاخبار كثير، فيكون من قبيل الإضافة إلى الظرف لا إلى المفعول كقولهم " يا سارق الليلة أهل الدار " وكما قيل في " مالك يوم الدين " أي مالك الأشياء يوم الدين. ثم اعلم أن أكثر نسخ الصحيفة متفقة على نصب " الرهائن " فهو إما بدل عن " صرعى " أو حال أو بيان أو صفة، لان الإضافة لفظية. وفي رواية " ابن أشناس " بالجر بالإضافة، والأول أصوب، ثم إنه عليه السلام اقتصر على ذكر النفخة الثانية لأنه أشد وأفظع لاتصالها بالقيامة واحتمال كون الكلام مشتملا عليهما بأن يكون في الاذن والامر إشارة إلى الأولى