معنى قوله تعالى " يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل (1) " وقوله تعالى:
" يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل (2) " راجع إلى ذلك، فإن جهلوا ذلك كله أو تجاهلوا لم يجدوا بدا من كون النصف النهار الأول ست ساعات، والنصف الأخير ست ساعات، ولا يمكنهم التعامي عن ذلك لشيوع الخبر المأثور في ذكر فضائل السابقين إلى الجامع يوم الجمعة وتفاضل [أجورهم بتفاضل] قصورهم في الساعات الست التي هي أول النهار إلى وقت الزوال، وذلك مقول على الساعات الزمانية المعوجة دون المستوية التي تسمى المعتدلة، فلو سامحناهم بالتسليم لهم في دعواهم لوجب أن يكون استواء الليل والنهار حين تكون الشمس بجنبتي الانقلاب الشتوي ويكون ذلك في بعض المواضع دون بعض، وأن لا يكون الليل الشتوي مساويا للنهار الصيفي، وأن لا يكون نصف النهار موافاة الشمس منتصف ما بين الطلوع والغروب، وخلافات هذه اللوازم هي القضايا المقبولة عند من له أدنى بصر، وليس يتحقق لزوم هذه الشناعات إياهم إلا من له درية يسيرة بحركات الأكر (3).
فإن تعلق متعلق بقول الناس عند طلوع الفجر " قد أصبحنا وذهب الليل " فأين هو عن قولهم عند تقارب غروب الشمس واصفرارها " قد أمسينا وذهب النهار و جاء الليل " وإنما ذلك إنباء عن دنوه وإقباله وإدبار ما هم فيه، وذلك جار على طريق المجاز والاستعارة، وجائز في اللغة كقول الله تبارك وتعالى " أتى أمر الله فلا تستعجلوه (4) " ويشهد لصحة قولنا ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال " صلاة النهار عجماء " وتسمية الناس صلاة الظهر بالأولى لأنها الأولى من صلاتي النهار، وتسمية صلاة العصر بالوسطى لتوسطها بين الصلاة الأولى من صلاتي النهار وبين الصلاة الأولى من صلوات الليل، وليس قصدي فيما أوردته في هذا الموضع إلا نفي