يسيرا يظهر في أيام كثيرة، لكن اليوم بالاصطلاحين لا يختلف باختلاف الآفاق، و بعضهم يأخذون اليوم من طلوع الشمس إلى طلوعها، وبعضهم من غروبها إلى غروبها، وذلك يختلف باختلاف الآفاق كما تقرر في محله.
قال أبو ريحان البيروني: إن اليوم بليلته هو عودة الشمس بدوران الكل إلى دائرة فرضت ابتداء لذلك اليوم بليلته أي دائرة كانت إذا وقع عليها الاصطلاح وكانت عظيمة، لأن كل واحدة من العظام أفق بالقوة أعني بالقوة أنه يمكن فيها أن يكون أفقا لمسكن ما، وبدوران الكل حركة الفلك بما فيه المرئية من المشرق إلى المغرب على قطبيه.
ثم إن العرب فرضت أول مجموع اليوم والليلة نقط المغارب على دائرة الأفق، فصار اليوم عندهم بليلته من لدن غروب الشمس عن الأفق إلى غروبها من الغد، والذي دعاهم إلى ذلك هو أن شهورهم مبتنية على مسير القمر، مستخرجة من حركاته المختلفة، مقيدة برؤية الأهلة لا الحساب، وهي ترى لدى غروب الشمس ورؤيتها عندهم أول الشهر فصارت الليلة عندهم قبل النهار، وعلى ذلك جرت عادتهم في تقديم الليالي على الأيام إذا نسبوها إلى أسماء الأسابيع. واحتج لهم من وافقهم على ذلك بأن الظلمة أقدم في المرتبة من النور، وأن النور طار على الظلمة، فالأقدم أولى أن يبتدأ به، وغلبوا السكون لذلك على الحركة بإضافة الراحة والدعة، وأن الحركة لحاجة وضرورة، والتعب عقيب الضرورة فالتعب نتيجة الحركة، وبأن السكون إذا دام في الأسطقسات مدة لم يولد فسادا فإذا دامت الحركة فيها واستحكمت أفسدت وحدثت الزلازل والعواصف والأمواج وأشباهها. فأما عند غيرهم من الروم والفرس ومن وافقهم فإن الاصطلاح واقع بينهم على أن اليوم بليلته هو من لدن طلوعها من أفق المشرق إلى طلوعها منه بالغد، إذ كانت شهورهم مستخرجة بالحساب غير متعلقة بأحوال القمر ولا غيره من الكواكب، وابتداؤها من أول النهار، فصار النهار عندهم قبل الليل. واحتجوا بأن النور وجود والظلمة عدم، ومقدمو النور على الظلمة يقولون بتغليب