لها عمد في الحقيقة إلا أن تلك العمد هي إمساك (1) الله تعالى وحفظه وتدبيره و إبقاؤه إياها في الجو العالي وأنتم لا (2) ترون ذلك التدبير ولا تعرفون كيفية ذلك الامساك (3) (انتهى).
وأقول: هذا الوجه الأخير الذي يتبجح به ونسبه إلى نفسه أورده شيخنا الطبرسي - ره - في مجمع البيان راويا عن ابن عباس ومجاهد.
وسخر الشمس والقمر) فيه أنواع من الدلالة على وجود الاله الحق وحكمته وقدرته، إذ أصل تلك الحركات السريعة واستمرارها وكونها على أقدار مخصوصة وكون بعضها مشرقية وبعضها مغربية وبعضها مائلة إلى الشمال وبعضها مائلة إلى الجنوب مما يدل دلالة قطعية على وجود قادر قاهر كامل في العلم والحكمة و اللطف والرحمة. (كل يجري لأجل مسمى) قال الرازي: فيه قولان: الأول قال ابن عباس: للشمس مائة وثمانون منزلا كل يوم لها منزل وذلك في (4) ستة أشهر، ثم إنها تعود مرة أخرى إلى واحد واحد منها في ستة أشهر مرة أخرى وكذلك القمر له ثمانية وعشرون منزلا، فالمراد بقوله (كل يجري لأجل مسمى) هذا، وتحقيقه أنه تعالى قدر لكل واحد من هذه الكواكب سيرا خاصا إلى جهة خاصة بمقدار خاص من السرعة والبطء، ومتى كان الامر كذلك لزم أن يكون لها بحسب كل لحظة ولمحة حال أخرى ما كانت حاصلة قبل ذلك. والثاني المراد كونهما متحركين إلى يوم القيامة، وعند مجيئ ذلك اليوم تنقطع هذه الحركات كقوله (5) تعالى (إذا الشمس كورت، وإذا النجوم انكدرت، وإذا السماء انشقت وإذا السماء انفطرت، وجمع الشمس والقمر) (6).