فلذلك تراهم يتساهلون كثيرا في الحساب مع أن إهمال ثانية واحدة يفضي إلى التبعيد بمراحل عن الصواب، ولقد أورد عليهم أن المسافة على ما في المجسطي وما في مرتبته بين محدب الفلك المائل للقمر ومقعر فلك الشمس ليست تسع ثخني فلك الزهرة وعطارد فضلا من أن يسعهما ما بين محدب جوزهر القمر ومقعر فلك الشمس والحق أن ذلك إنما نشأ من المساهلة في الحساب بإهمال الكسور وما يسير مسيرة ويجري مجراه، فالراصد الفاضل الحاسب المهندس الكاشاني قد تشمر محل الاشكال في رسالة (سلم السماء) باستئناف الحساب على سبيل الاستقصاء من غير إهمال الثواني بل الثوالث، وأورد قطر جرم القمر على أنه سبعمائة وأحد وثلاثون فرسخا، و الصواب فيه ما أثبتناه، وقطر الشمس سبعة عشر ألف وخمسمائة وثمانية وثلاثين فرسخا على أنه سبعة أمثال قطر الأرض إلا عشر مثل تقريبا والذي يوجبه الاستقصاء أنه مثل قطر الأرض ست مرات وخمسة أسداس مرة ونصف عشر مرة، وجرم القمر على أنه كجزء من اثنين وأربعين جزء وسدس جزء من الأرض، والأحق فيه استبدال خمس مكان سدس. وجرم الشمس على أنها ثلاثمائة وستة وعشرون مثلا للأرض، والأحق في ذلك وخمس مثل أيضا تقريبا. وإذا علم ذلك فليعلم أن ما قاله أمير المؤمنين عليه السلام في جواب سؤال الشامي إنما هو على مطابقة الشائع المعتبر الذي اعتبرته الأوائل من الحكماء اليونانيين، ثم استمر شيوعا واستقر اعتبارا في العصور والدهور إلى هذه السنين الأخيرة، لكنه لم يتساهل في الحساب ولم يهمل اعتبار الكسور، فلعله عليه السلام اعتبر قطر الأرض أكثر مما هو المشهور بشئ يسير، أو أنه عليه السلام اعتبر قطر الشمس ستة أمثال قطر الأرض كثمانية عشر بالنسبة إلى خمسة، وهم قد اعتبروه بالنسبة إليه كثمانية عشر جزء وأربعه أخماس جزء بالنسبة إلى ثلاثة أجزاء وخمسين جزء، وبالجملة على ما قاله عليه السلام يجب أن يؤخذ قطر الشمس على أنه خمسة عشر ألفا ومائتا فرسخ تقريبا، ومحيط دائرة عظمي شمسية على أنه سبعة وأربعون ألفا وسبعمائة فرسخ وأحد وسبعون فرسخا ونصف
(٢١٥)