البدوي، وعندكم هنا علوي؟ فقلت: يا سبحان الله معظم الكوفة علويون، فقال البدوي: العلوي والله تركته ورائي في البرية في بعض البلدان فقلت: فكيف خبره؟
قال: فررنا في نحو ثلاث مائة فارس أو دونها. فبقينا ثلاثة أيام بلا زاد واشتد بنا الجوع.
فقال بعضنا لبعض: دعونا نرمي السهم على بعض الخيل نأكلها فاجتمع رأينا على ذلك، ورمينا بسهم فوقع على فرسي فغلطتهم، وقلت: ما أقنع فعدنا بسهم آخر فوقع عليها أيضا فلم أقبل وقلت: نرمي بثالث فرمينا فوقع عليها أيضا وكانت عندي تساوي ألف دينار وهي أحب إلي من ولدي.
فقلت: دعوني أتزود من فرسي بمشوار فإلى اليوم ما أجد لها غاية فركضتها إلى رابية بعيدة منا قدر فرسخ فمررت بجارية تحطب تحت الرابية، فقلت: يا جارية من أنت ومن أهلك؟ قالت: أنا لرجل علوي في هذا الوادي ومضت من عندي فرفعت مئزري على رمحي وأقبلت إلى أصحابي فقلت لهم: أبشروا بالخير! الناس منكم قريب في هذا الوادي.
فمضينا فإذا بخيمة في وسط الوادي فطلع إلينا منها رجل صبيح الوجه أحسن من يكون من الرجال، ذؤابته إلى سرته، وهو يضحك ويجيئنا بالتحية فقلت له: يا وجه العرب العطش، فنادى يا جارية هاتي من عندك الماء فجاءت الجارية ومعها قدحان فيهما ماء فتناول منهما قدحا ووضع يده فيه وناولنا إياه وكذلك فعل بالآخر فشربنا عن أقصانا من القدحين ورجعتا علينا وما نقصت القدحان.
فلما روينا قلنا له: الجوع يا وجه العرب فرجع بنفسه ودخل الخيمة وأخرج بيده منسفة (1) فيها زاد، ووضعه وقد وضع يده فيه وقال: يجئ منكم عشرة عشرة فأكلنا جميعا من تلك المنسفة، والله يا فلان ما تغيرت ولا نقصت، فقلنا: نريد الطريق الفلاني فقال: ها ذاك دربكم وأومأ لنا إلى معلم ومضينا.
فلما بعدنا عنه قال بعضنا لبعض: أنتم خرجتم عن أهلكم لكسب والمكسب قد