مرضها وحال صحتها. وحكى لي ولده هذا أنه كان بعد ذلك شديد الحزن لفراقه عليه السلام حتى أنه جاء إلى بغداد وأقام بها في فصل الشتاء وكان كل أيام يزور سامرا ويعود إلي بغداد فزارها في تلك السنة أربعين مرة طمعا أن يعود له الوقت الذي مضى، أو يقضى له الحظ بما قضى، ومن الذي أعطاه دهره الرضا، أو ساعده بمطالبه صرف القضا، فمات رحمه الله بحسرته وانتقل إلى الآخرة بغصته والله يتولاه وإيانا برحمته بمنه وكرامته.
وحكى لي السيد باقي بن عطوة الحسني أن أباه عطوة كان آدر (1) وكان زيدي المذهب وكان ينكر على بنيه الميل إلى مذهب الإمامية ويقول: لا أصدقكم ولا أقول بمذهبكم، حتى يجئ صاحبكم، يعني المهدي عليه السلام فيبرؤني من هذا المرض، وتكرر هذا القول منه.
فبينا نحن مجتمعون عند وقت العشاء الآخرة إذا أبونا يصيح ويستغيث بنا فأتيناه سراعا فقال: الحقوا صاحبكم فالساعة خرج من عندي فخرجنا فلم نر أحدا فعدنا إليه وسألناه فقال: إنه دخل إلي شخص وقال: يا عطوة فقلت: من أنت؟
فقال: أنا صاحب بنيك قد جئت لأبرئك مما بك ثم مد يده فعصر قروتي ومشى ومددت يدي فلم أر لها أثرا.
قال لي ولده: وبقي مثل الغزال ليس به قلبة، واشتهرت هذه القصة وسألت عنها غير ابنه فأخبر عنها فأقر بها.
والاخبار عنه عليه السلام في هذا الباب كثيرة وأنه رآه جماعة قد انقطعوا في طريق الحجاز وغيرها، فخلصهم وأوصلهم إلى حيث أرادوا، ولولا التطويل لذكرت منها جملة، ولكن هذا القدر الذي قرب عهده من زماني كاف.
بيان: " التوثة " لم أرها في اللغة ويحتمل أن يكون اللوثة بمعنى الجرح