قدس الله روحه من الحلة متألما من المغازي وأقام بالمشهد المقدس بمقابر قريش شهرين إلا سبعة أيام قال: فتوجهت من واسط إلى سر من رأى وكان البرد شديدا فاجتمعت مع الشيخ بالمشهد الكاظمي وعرفته عزمي على الزيارة فقال لي:
أريد أنفذ (1) إليك رقعة تشدها في تكة لباسك - فشددتها أنافي لباسي - فإذا وصلت إلى القبة الشريفة، ويكون دخولك في أول الليل ولم يبق عندك أحد، وكنت آخر من يخرج فاجعل الرقعة عند القبة فإذا جئت بكرة ولم تجد الرقعة فلا تقل لاحد شيئا.
قال: ففعلت ما أمرني وجئت بكرة فلم أجد الرقعة وانحدرت إلى أهلي وكان الشيخ قد سبقني إلى أهله على اختياره فلما جئت في أوان الزيارة ولقيته في منزله بالحلة قال لي: تلك الحاجة انقضت.
قال أبو العباس: ولم أحدث بهذا الحديث قبلك أحدا منذ توفي الشيخ إلى الآن وكان له منذ مات ثلاثون سنة تقريبا.
ومن ذلك ما عرفته ممن تحققت صدقه فيما ذكره، قال كنت قد سألت مولانا المهدي صلوات الله عليه أن يأذن لي في أن أكون ممن يشرف بصحبته وخدمته، في وقت غيبته، أسوة بمن يخدمه من عبيده وخاصته، ولم أطلع على هذا المراد أحدا من العباد، فحضر عندي هذا الرشيد أبو العباس الواسطي المقدم ذكره يوم الخميس تاسع عشرين رجب سنة خمس وثلاثين وستمائة، وقال لي ابتداء من نفسه: قد قالوا لك ما قصدنا إلا الشفقة عليك، فان كنت توطن نفسك على الصبر حصل المراد، فقلت له: عمن تقول هذا؟ فقال: عن مولانا المهدي صلوات الله عليه.
ومن ذلك ما عرفته ممن حققت حديثه وصدقته أنه قال: كتبت إلى مولانا المهدي صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين كتابا يتضمن عدة مهمات، وسألت جوابه بقلمه الشريف عنها. وحملته معي إلى السرداب الشريف بسر من رأى فجعلت