زيارة المشهد الشريف بسر من رأى على مشرفه السلام ثم أنحدر إلى أهلي فحسن له ذلك، فترك ثيابه ونفقته عند السعيد رضي الدين وتوجه.
قال: فلما دخلت المشهد وزرت الأئمة عليهم السلام نزلت السرداب واستغثت بالله تعالى وبالامام عليه السلام وقطعت بعض الليل في السرداب وبقيت في المشهد إلى الخميس ثم مضيت إلى دجلة، واغتسلت ولبست ثوبا نظيفا وملأت إبريقا كان معي وصعدت أريد المشهد فرأيت أربعة فرسان خارجين من باب السور وكان حول المشهد قوم من الشرفاء يرعون أغنامهم، فحسبتهم منهم، فالتقينا فرأيت شابين أحدهما عبد مخطوط وكل واحد منهم متقلد بسيف وشيخا منقبا بيده رمح والآخر متقلد بسيف وعليه فرجية ملونة فوق السيف، وهو متحنك بعذبته.
فوقف الشيخ صاحب الرمح يمين الطريق، ووضع كعب رمحه في الأرض ووقف الشابان عن يسار الطريق وبقي صاحب الفرجية على الطريق مقابل والدي ثم سلموا عليه فرد عليهم السلام، فقال له صاحب الفرجية: أنت غدا تروح إلى أهلك؟ فقال له: نعم فقال له: تقدم حتى أبصر ما يوجعك؟ قال: فكرهت ملامستهم وقلت: أهل البادية ما يكادون يحترزون من النجاسة وأنا قد خرجت من الماء وقميصي مبلول.
ثم إني مع ذلك تقدمت إليه فلزمني بيدي ومدني إليه وجعل يلمس جانبي من كتفي إلى أن أصابت يده التوثة فعصرها بيده فأوجعني ثم استوى في سرج فرسه كما كان، فقال لي الشيخ: أفلحت يا إسماعيل! فتعجبت من معرفته باسمي فقلت: أفلحنا وأفلحتم إنشاء الله.
قال: فقال: هذا هو الإمام قال: فتقدمت إليه فاحتضنته وقبلت فخذه ثم إنه ساق وأنا أمشي معه محتضنه فقال: ارجع فقلت: لا أفارقك أبدا فقال: المصلحة رجوعك فأعدت عليه مثل القول الأول فقال الشيخ: يا إسماعيل ما تستحيي؟ يقول لك الامام مرتين: ارجع وتخالفه فجهني بهذا القول فوقفت فتقدم خطوات والتفت إلي وقال: إذا وصلت ببغداد فلا بد أن يطلبك أبو جعفر يعني الخليفة المستنصر فإذا