أقول: قال الصدوق رحمه الله بعد إيراد هذا الخبر: إن أهل العناد والجحود يصدقون بمثل هذا الخبر، ويروونه في الدجال وغيبته وطول بقائه المدة الطويلة وبخروجه في آخر الزمان ولا يصدقون بأمر القائم عليه السلام وأنه يغيب مدة طويلة ثم يظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما بنص النبي والأئمة بعده صلوات الله عليهم وعليه باسمه وعينه ونسبه، وبأخبارهم بطول غيبته إرادة لاطفاء نور الله وإبطالا لامر ولي الله ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون.
وأكثر ما يحتجون به في دفعهم لامر الحجة عليه السلام أنهم يقولون لم نرو هذه الأخبار التي تروونها في شأنه ولا نعرفها، وكذا يقول من يجحد نبوة نبينا صلى الله عليه وآله من الملحدين، والبراهمة واليهود والنصارى: إنه ما صح عندنا شئ مما تروونه من معجزاته ودلائله ولا نعرفها، فنعتقد بطلان أمره لهذه الجهة، ومتى لزمنا ما يقولون لزمهم ما يقوله هذه الطوائف وهم أكثر عددا منهم.
ويقولون أيضا: ليس في موجب عقولنا أن يعمر أحد في زماننا هذا عمرا يتجاوز عمر أهل الزمان، فقد تجاوز عمر صاحبكم على زعمكم عمر أهل الزمان.
فنقول لهم: أتصدقون على أن الدجال في الغيبة يجوز أن يعمر عمرا يتجاوز عمر أهل الزمان وكذلك إبليس، ولا تصدقون بمثل ذلك لقائم آل محمد عليهم السلام؟
مع النصوص الواردة فيه في الغيبة، وطول العمر، والظهور بعد ذلك للقيام بأمر الله عز وجل، وما روي في ذلك من الاخبار التي قد ذكرتها في هذا الكتاب ومع ما صح عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: كل ما كان في الأمم السالفة يكون في هذه الأمة مثله حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة. وقد كان فيمن مضى من أنبياء الله عز وجل وحججه عليهم السلام معمرون.
أما نوح عليه السلام فإنه عاش ألفي سنة وخمسمائة سنة، ونطق القرآن بأنه " لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما " وقد روي في الخبر الذي [قد] أسندته في هذا الكتاب أن في القائم سنة من نوح، وهي طول العمر، فكيف يدفع أمره ولا يدفع ما يشبهه من الأمور التي ليس شئ منها في موجب العقول، بل لزم