وهو قول الله تبارك وتعالى: البطن لآل محمد والظهر مثل: " إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان " (1).
فقلت له: إني قد ضربت إليك من بلد بعيد تعرضت إليك بحارا وغموما و هموما وخوفا، وأصبحت وأمسيت مؤيسا ألا أكون ظفرت بحاجتي فقال لي: ما أرى أمك حملت بك إلا وقد حضرها ملك كريم، ولا أعلم أن أباك حين أراد الوقوع بأمك إلا وقد اغتسل وجاءها على طهر، ولا أزعم إلا أنه كان درس السفر الرابع من سحره ذلك فختم له بخير، ارجع من حيث جئت، فانطلق حتى تنزل مدينة محمد صلى الله عليه وآله التي يقال لها طيبة، وقد كان اسمها في الجاهلية يثرب، ثم اعمد إلى موضع منها يقال له البقيع، ثم سل عن دار يقال لها دار مروان فانزلها، وأقم ثلاثا، ثم سل الشيخ الأسود الذي يكون على بابها يعمل البواري، وهي في بلادهم اسمها الخصف فتلطف بالشيخ وقل له: بعثني إليك نزيلك الذي كان ينزل في الزاوية في البيت الذي فيه الخشيبات الأربع، ثم سله عن فلان بن فلان الفلاني، وسله أين ناديه، وسله أي ساعة يمر فيها فليريكاه، أو يصفه لك فتعرفه بالصفة، وسأصفه لك، قلت: فإذا لقيته فأصنع ماذا؟ فقال: سله عما كان وعما هو كائن، وسله عن معالم دين من مضى ومن بقي.
فقال له أبو إبراهيم عليه السلام: قد نصحك صاحبك الذي لقيت، فقال الراهب:
ما اسمه جعلت فداك؟ قال: هو متمم بن فيروز، وهو من أبناء الفرس، وهو ممن آمن بالله وحده لا شريك له، وعبده بالاخلاص والايقان، وفر من قومه لما خالفهم فوهب له ربه حكما، وهداه لسبيل الرشاد، وجعله من المتقين وعرف بينه وبين عباده المخلصين، وما من سنة إلا وهو يزور فيها مكة حاجا، ويعتمر في رأس كل شهر مرة، ويجئ من موضعه من الهند إلى مكة فضلا من الله وعونا، وكذلك نجزي الشاكرين.