فأتيت منزله فاستأذنت فخرج إلي رجل ظننت أنه غلام له، فقلت له: استأذن لي على مولاك، فدخل ثم خرج، فقال لي: ادخل فدخلت فإذا أنا بشيخ معتكف شديد الاجتهاد، فسلمت عليه فقال لي: من أنت؟ فقلت: أنا الكلبي النسابة فقال:
ما حاجتك؟ فقلت: جئت أسألك فقال: أمررت بابني محمد؟ قلت: بدأت بك فقال:
سل! قلت: أخبرني عن رجل قال لامرأته: " أنت طالق عدد نجوم السماء " فقال:
تبين برأس الجوزاء، والباقي وزر عليه وعقوبة فقلت في نفسي: واحدة فقلت: ما يقول الشيخ في المسح على الخفين فقال: قد مسح قوم صالحون، ونحن أهل بيت لا نمسح فقلت في نفسي: ثنتان فقلت: ما تقول في أكل الجري أحلال هو أم حرام، فقال:
حلال إلا أنا أهل البيت نعافه، فقلت في نفسي: ثلاث، فقلت: وما تقول في شرب النبيذ؟ فقال: حلال إلا أنا أهل البيت لا نشربه، فقمت فخرجت من عنده وأنا أقول: هذه العصابة تكذب على أهل هذا البيت، فدخلت المسجد فنظرت إلى جماعة من قريش وغيرهم من الناس، فسلمت عليهم ثم قلت لهم: من أعلم أهل هذا البيت فقالوا: عبد الله بن الحسن، فقلت: قد أتيته فلم أجد عنده شيئا، فرفع رجل من القوم رأسه لقال: ائت جعفر بن محمد عليهما السلام فهو عالم أهل هذا البيت، فلامه بعض من كان بالحضرة.
فقلت: إن القوم إنما منعهم من إرشادي إليه أول مرة الحسد، فقلت له:
ويحك إياه أردت فمضيت حتى صرت إلى منزله فقرعت الباب، فخرج غلام له فقال: ادخل يا أخا كلب، فوالله لقد أدهشني، فدخلت وأنا مضطرب ونظرت فإذا بشيخ على مصلى، بلا مرفقة ولا بردعة، فابتدأني بعد أن سلمت عليه فقال لي: من أنت؟ فقلت في نفسي: يا سبحان الله غلامه يقول لي بالباب: ادخل يا أخا كلب ويسألني المولى: من أنت!! فقلت له: أنا الكلبي النسابة، فضرب بيده على جبهته وقال:
كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا، قد خسروا خسرانا مبينا، يا أخا كلب إن الله عز وجل يقول: " وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا " (1)