أقايله (1) وأسأله عن ذنبه العظيم، فلما رفع رأسه أدرت إليه وجهي ونظرت في وجهه فإذا وجهه وجه كلب ووبر كلب وبدنه بدن انسان، فقلت له: يا عبد الله ما ذنبك الذي استوجبت به أن يشوه الله خلقك؟ فقال: يا هذا إن ذنبي عظيم وما أحب أن يسمع به أحد فما زلت به إلى أن قال: كنت رجلا ناصبيا أبغض علي بن أبي طالب عليه السلام وأظهر ذلك ولا أكتمه، فاجتاز بي ذات يوم رجل وأنا أذكر أمير المؤمنين عليه السلام بغير الواجب فقال: مالك؟ إن كنت كاذبا فلا أخرجك الله من الدنيا حتى يشوه بخلقك فتكون شهرة في الدنيا قبل الآخرة، فبت معافى وقد حول الله وجهي وجه كلب، فندمت على ما كان مني، وتبت إلى الله مما كنت عليه. وأسأل الله الإقالة والمغفرة، قال الأعمش: فبقيت متحيرا أتفكر فيه وفي كلامه، وكنت أحدث الناس بما رأيته، فكان المصدق أقل من المكذب (2).
35 - الكافي: علي بن محمد، عن علي بن الحسن، عن الحسين بن راشد، عن المرتجل بن معمر، عن ذريح المحاربي، عن عباية الأسدي، عن حبة العرني قال:
خرجت مع أمير المؤمنين عليه السلام إلى الظهر، فوقف بوادي السلام كأنه مخاطب لأقوام فقمت بقيامه حتى أعييت، ثم جلست حتى مللت، ثم قمت حتى نالني مثل ما نالني أولا، ثم جلست حتى مللت، ثم قمت وجمعت ردائي فقلت: يا أمير المؤمنين إني قد أشفقت عليك من طول القيام فراحة ساعة، ثم طرحت الرداء ليجلس عليه فقال (3) يا حبة إن هو إلا محادثة مؤمن أو مؤانسته، قال: قلت: يا أمير المؤمنين وإنهم لكذلك؟ قال: نعم ولو كشف لك لرأيتهم حلقا حلقا محتبين (4) يتحادثون، فقلت: أجسام أم أرواح؟ فقال: أرواح، وما من مؤمن يموت في بقعة من بقاع الأرض إلا قيل لروحه: الحقي بوادي السلام وإنها لبقعة من جنة عدن (5).