8 - الإرشاد: مما أظهره الله تعالى من الاعلام الباهرة على يد أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام ما استفاضت به الاخبار ورواه علماء السير والآثار ونظمت فيه الشعراء الاشعار رجوع الشمس له عليه السلام مرتين: في حياة النبي صلى الله عليه وآله مرة وبعد وفاته أخرى، وكان من حديث رجوعها عليه المرة الأولى (1) ما روته أسماء بنت عميس وأم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وآله وجابر بن عبد الله الأنصاري وأبو سعيد الخدري في جماعة (2) من الصحابة أن النبي صلى الله عليه وآله كان ذات يوم في منزله وعلي عليه السلام بين يديه إذ جاءه جبرئيل عليه السلام يناجيه عن الله سبحانه، فلما تغشاه الوحي توسد فخذ أمير المؤمنين عليه السلام فلم يرفع رأسه عنه حتى غربت الشمس، فاصطبر (3) أمير المؤمنين عليه السلام لذلك إلى صلاة العصر، فصلى أمير المؤمنين عليه السلام جالسا يومئ بركوعه وسجوده إيماء، فلما أفاق من غشيته قال لأمير المؤمنين عليه السلام:
أفاتتك صلاة العصر؟ قال: لم أستطع أن أصليها قائما لمكانك يا رسول الله والحال التي كنت عليها في استماع الوحي، فقال له: ادع الله حتى يرد عليك الشمس لتصليها قائما في وقتها كما فاتتك، فإن الله تعالى يجيبك لطاعتك لله ورسوله (4)، فسأل أمير - المؤمنين عليه السلام الله في رد الشمس، فردت (5) حتى صارت في موضعها من السماء وقت صلاة العصر، فصلى أمير المؤمنين عليه السلام صلاة العصر في وقتها ثم غربت، فقالت أسماء: أم والله لقد سمعنا لها عند غروبها صريرا كصرير المنشار في الخشب.
وكان رجوعها (6) بعد النبي صلى الله عليه وآله أنه لما أراد أن يعبر الفرات ببابل اشتغل كثير من أصحابه بتعبير دوابهم ورحالهم، فصلى (7) عليه السلام بنفسه في طائفة معه العصر