ذلك (1)، ولا ينفع في جماعتهم التحريض لعجزهم عنه عليه السلام، ولا ترى (2) أنه عليه السلام قد بلغ من فضله في الشجاعة أنها قد صارت يفخر (3) بقتله من قتل منها، وينفي العار عنه بإضافته إليه، وهذا لا يكون إلا وقد سلم الجميع له واصطلحوا على إظهار العجز عنه عليه السلام. وقد روى أهل السير أن أمير المؤمنين عليه السلام لما قتل عمرو بن عبد ود نعي إلى أخته، فقالت: [لو] لم يعد (4) يومه على يد كفو كريم لا رقأت دمعتي إن هرقتها عليه، قتل الابطال وبارز الاقران وكانت منيته على يد كفو كريم، ما سمعت بأفخر من هذا يا بني عامر، ثم أنشأت تقول:
أسدان في ضيق المكر تصاولا * وكلاهما كفو كريم باسل - فتخالسا مهج النفوس كلاهما * وسط المدار مخاتل ومقاتل - وكلاهما حضر القراع حفيظة * لم يثنه عن ذاك شغل شاغل - فاذهب علي فما ظفرت بمثله * قول سديد ليس فيه تحامل - فالثار عندي يا علي فليتني * أدركته والعقل مني كامل ذلت قريش بعد مقتل فارس * فالذل مهلكها وخزي شامل ثم قالت: والله لا ثارت قريش بأخي ما حنت النيب. وقد كان حسان بن ثابت افتخر للاسلام بقتل عمرو بن عبد ود، فقال في ذلك أقوالا كثيرة، منها:
أمسى الفتى عمرو بن عبد يبتغي * بجنوب يثرب غارة لم ينظر - فلقد وجدت سيوفنا مشهورة * ولقد وجدت جيادنا لم تقصر (5) - ولقد رأيت غداة بدر عصبة * ضربوك ضربا غير ضرب المخسر أصبحت لا تدعى ليوم عظيمة * يا عمرو أو لجسيم أمر منكر